الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم النوم مع عدم الأخذ بأسباب الاستيقاظ لصلاة الفجر

السؤال

رجل حاج في سن 60 لا يستيقظ لصلاة الفجر، لقد تكلمت معه قلت له إنها الصلاة الوسطى قال بأن إماما في المسجد حدثني إذا لم تقم في وقت الفجر فصل حين تستيقظ والآن ينام حتى العاشرة صباحا ويصلي, هل هذا الرجل على صواب؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقبل الشروعِ في الجواب على سؤالك نحبُ أن نعلمك أن الصلاة الوسطى هي صلاة العصر، فعن علي رضي الله عنه أن النبي صلي الله عليه وسلم قال يوم الأحزاب: ملأ الله قبورهم وبيوتهم ناراً كما شغلونا عن الصلاة الوسطى حتى غابت الشمس. متفقٌ عليه.

ولمسلمٍ وأحمد وأبي داود: شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر.

وأما صلاة الصبح فهي ذاتُ فضلٍ عظيم وهي مع العشاء أثقل الصلاة على المنافقين، فالمداومة على تركها من علامات النفاق والعياذ بالله، ووقتُ الصبح ينتهي بطلوع الشمس بإجماع العلماء وليس لأحدٍ أن يتعمد تأخيرها حتى تطلع الشمس، فإن فعل فقد ارتكب إثماً عظيماً أعظمُ من الزنا والسرقة وشرب الخمر وقتل النفس، والنائم ينبغي أن يأخذ بأسباب الاستيقاظ فيوكل من يوقظه أو يعتمد علي مُنبهٍ أو نحوه، فإن لم يفعل وعلمَ أنه لا يستيقظ إلا بعد طلوع الشمس فقد تعمد تضييعها، وأما إن أخذ بأسباب الاستيقاظ ثم لم يستيقظ إلا بعد طلوع الشمس فلا إثم عليه، وهذا هو الذي أُمرَ في الحديث بأن يصلي متى استيقظ، ولعل هذا الرجل حين استفتى هذا الإمام لم يوضح له صورة ما يحدث فأفتى المفتي على حسب السؤال وأجابه بمقتضي الحديث وهو أن النائم معذورٌ فيصلي متى استيقظ، ولكن هذا كما قلنا مقيدٌ بما إذا نوى الاستيقاظ وأخذ بأسبابه، وقد ثبت في الصحيحين أن النبي صلي الله عليه وسلم وأصحابه ناموا عن صلاةِ الصبح مرةً حتى طلعت الشمس، لكنه صلى الله عليه وسلم كان قد أمر بلالاً أن يكلأ لهم الليل فغلبت بلالاً عينه فنام.

فالذي يفعله هذا الرجل تساهلٌ ظاهر، وتفريطٌ شنيع ويجبُ عليكَ أن تذكره بالله عز وجل وتذكر له النصوص الدالة على وجوبِ المحافظة على الصلوات في وقتها، وأنه إذ بلغ الستين فالواجبُ عليه أن يتزود لمعاده ويتأهب لآخرته فلم يبق في العمر مثلُ ما مضى، وأما هذه الصلاة التي يصليها فإن كانت قضاء صلاة الصبح فهذا واجبٌ عليه عند الجمهور ويجبُ عليه مع ذلك التوبة النصوح إن كان مفرطا، وإن كان يصليها بنيةٍ أخرى غير الصبح فلا تجزيه عن القضاء، ويرى شيخ الإسلام ابن تيمية وطائفةٌ من أهل العلم أن من ترك الصلاةَ عمداً حتى خرجَ وقتها فإنه لا ينفعه القضاء ولا يقبلُ منه إذا فعله، ولا يمكنه تداركُ ما فات إلا بالتوبةِ النصوح والإكثار من النوافل، نسأل الله أن يوفق المسلمين لما فيه رشدهم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني