الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

اللواط وإتيان المرأة في دبرها

السؤال

أنا قرأت الكثير والكثير حول موضوع الجماع من على موقع الشبكة والشبكات الأخرى ولكن لفت نظري إجابة حول هذا الموضوع:
إلى فضيلة الشيخ صالح الكرباسي وهى موضحه أدناه رجونا من سيادتكم تفسير الآيات الكريمة الواردة بشأن هذا الموضوع ولكم جزيل الشكر( ولكم الشكر على كل ما وضحتموه بشان هذا الموضوع وإجابتكم النموذجية فى طريقة الرد مع تكرار أغلب الأسئلة رجونا من الله دوام التوفيق التسلسل: 1258القراءات : 13928 تاريخ النشر : 2007-06-23الإجابة للشيخ صالح الكرباسي الفرق بين جماع الزوجة في الدبر و اللواط؟ :
ينبغي التنبيه هنا على أنه من الخطأ الفاحش عَدُّ هذا النوع من الممارسة لواطاً و من أعمال قوم لوط ، وهو نوع من المغالطة ، و ذلك لأن اللواط هو الاتصال الجنسي بين ذكرين لا بين ذكر و أنثى كما هو واضح ، كما لا تسمى ممارسة الجنس بين أنثيين زناً و لا لواطاً ، و إنما تُسمى سحاقاً .
ثم إن قوم لوط كما أشرنا كانوا يأتون الرجال في أدبارهم و ليس النساء، و يدل على ذلك قول الله عز و جل في القرآن الكريم حكاية عن النبي لوط عليه السلام: وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّن الْعَالَمِينَ * إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ النِّسَاء بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ، ومن الخطأ أيضاً أن يتصور بأن المقصود من قول الله عز و جل :... فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللّهُ حرمة إتيان النساء من الدبر، بل المقصود منه من حيث أمركم الله تجَنُّبه في حال الحيض وهو الفرج، و يظهر هذا المعنى بملاحظة الآية بكاملها التي تتحدث عن اعتزال النساء حال الحيض، قال الله عز وجل: وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُواْ النِّسَاء فِي الْمَحِيضِ وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىَ يَطْهُرْنفَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ.
قال المفسر الكبير العلامة الطبرسي رحمه الله في تفسير هذه الآية : ... فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللّهُ ... [4] معناه من حيث أمركم الله تجنّبه في حال الحيض وهو الفرج ، عن ابن عباس و مجاهد و قتادة و الربيع . و قيل : من قِبَل الطُهر دون الحيض، عن السدي و الضحاك .
و قيل : من قبل النكاح دون الفجور، عن ابن الحنفية، و الأول أليق بالظاهر قال الزجاج: معناه من الجهات التي تحل فيها أن تقرب المرأة، و لا تقربوهن من حيث لا يحب أي لا تقربوهن و هن صائمات أو محرمات أو معتكفات، و قال الفراء: و لو أراد الفرج لقال في حيث، فلما من حيث علمنا أنه أراد من الجهة التي أمركم الله بها هذا مضافاً إلى ما يُستدل بقول الله عز و جل حكاية عن النبي لوط عليه السلام : قَالَ يَا قَوْمِ هَؤُلاء بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُواْ اللّهَ وَلاَ تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي ، حيث إن لوطاً عليه السلام عرض عليهم بناته و هو يعلم أنهم لا يريدون الفروج .
القران الكريم : سورة الأعراف ( 7 ) ، الآية : 80 و 81 ، الصفحة : 160 .
القران الكريم : سورة البقرة ( 2 ) ، الآية : 222 ، الصفحة : 35 .
القران الكريم : سورة البقرة ( 2 ) ، الآية : 222 ، الصفحة : 35 .
القران الكريم : سورة البقرة ( 2 ) ، الآية : 222 ، الصفحة : 35 .
مجمع البيان : 1و 2 / 563 .
القران الكريم : سورة هود ( 11 ) ، الآية : 78 ، الصفحة : 230 .

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

.فهذا تفسير مختصر للآيات الواردة في سؤالك.

الآية الأولى قوله تعالى: وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ العَالَمِينَ. {الأعراف:80}.

قال القرطبي مفسرا لهذه الآية: يعني إتيان الذكور ذكرها الله باسم الفاحشة ليبين أنها زنى .. و لم يكن اللواط في أمة قبل قوم لوط وقوله ( إنكم لتاتون الرجل شهوة من دون النساء بل أنتم قوم مسرفون) أي في جمعكم إلى الشرك هذه الفاحشة. انتهى منه باختصار.

وأما قوله تعالى: وَجَاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِنْ قَبْلُ كَانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ قَالَ يَا قَوْمِ هَؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُوا اللهَ وَلَا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ. {هود:78}.

قال الطبري: كانوا يأتون الرجال شهوة من دون النساء فاحشة لم يسبقهم بها أحد من العالمين فلما جاؤوه قالوا: أولم ننهك عن العالمين؟ أي: ألم نقل لك: لا يقربنك أحد فإنا لن نجد عندك أحدا إلا فعلنا به الفاحشة ؟ قال: { يا قوم هؤلاء بناتي هن أطهر لكم } فأنا أفدي ضيفي منكم بهن ولم يدعهم إلا إلى الحلال من النكاح.

الآية الثانية قوله تعالى: فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللهُ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ المُتَطَهِّرِينَ .{البقرة:222}.

قال الطبري: في تفسيره عند هذه الآية: فأتوهن من حيث أمركم الله: عن مجاهد قال: كانوا يجتنبون النساء في المحيض ويأتونهن في أدبارهن فسألوا النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك فأنزل الله: { ويسألونك عن المحيض } إلى { فإذا تطهرن فاتوهن من حيث أمركم الله } قال ابن عباس في الفرج لا تعدوه إلى غيره فمن فعل شيئا من ذلك فقد اعتدى .. انتهى منه باختصار.

وأما قوله تعالى: نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ وَاتَّقُوا اللهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلَاقُوهُ وَبَشِّرِ المُؤْمِنِينَ. {البقرة:223}.

أورد ابن كثير في تفسيره عن ابن عباس قال: الحرث موضع الولد.. قال ابن جريج: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم مقبلة ومدبرة إذا كان ذلك في الفرج، وعن عكرمة قال جاء رجل إلى ابن عباس وقال: كنت آتي أهلي في دبرها وسمعت قول الله { نساؤكم حرث لكم فاتوا حرثكم أنى شئتم } فظننت أن ذلك لي حلال فقال: يا لكع إنما قوله : { فاتوا حرثكم أنى شئتم } قائمة وقاعدة ومقبلة ومدبرة في أقبالهن لا تعدوا ذلك إلى غيره. انتهى منه باختصار.

فهذا هو مجمل معنى الآيات الواردة في سؤالك، ويمكنك الرجوع إلى شرحها مفصلة في كتب التفسير.

واعلم أن اللواط ليس خاصا بإتيان الذكر للذكر في دبره بل منه إتيان الذكر للمرأة في دبرها أيضا فإنه نوع من اللواط، وقد سمى النبي صلى الله عليه وسلم إتيان الرجل زوجته في دبرها باللوطية الصغرى كما في المسند أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: هي اللوطية الصغرى يعني أن يأتي الرجل امرأته في دبرها، وقد دلت نصوص صريحة صحيحة من السنة المطهرة على حرمة ذلك الفعل، وإليك جملة من الآثار الواردة فيه:

قال السيوطي في الدر المنثور: أخرج ابن أبي الدنيا وابن أبي حاتم والبيهقي وابن عساكر عن أبي صخرة جامع بن شداد رفعه قال كان اللواط في قوم لوط في النساء قبل أن يكون في الرجال بأربعين سنة .

وأخرج ابن أبي الدنيا وابن عساكر عن طاوس أنه سئل عن الرجل يأتي المرأة في عجيزتها ؟ قال: إنما بدء قوم لوط ذاك صنعته الرجال بالنساء ثم صنعته الرجال بالرجال

وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه عن علي أنه قال على المنبر: سلوني فقال ابن الكواء: تؤتى النساء في أعجازهن ؟ فقال علي سفلت سفل الله بك ألم تسمع إلى قوله أتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين. انتهى .

وقال صلى الله عليه وسلم: ملعون من أتى امرأة في دبرها. رواه أبو داود والنسائي وصححه السيوطي والألباني. وقال أيضاً: من أتى كاهنا فصدقه أو أتى امرأة في دبرها أو أتى حائضاً فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم. رواه أحمد وأصحاب السنن بألفاظ متقاربة وصححه الألباني.

وروى الترمذي والنسائي: لا ينظر الله الى رجل أتى رجلا أو امرأة في دبرها. وحسنه الترمذي وصححه الألباني.

فالحاصل أن هذا الفعل محرم شرعا بل هو كبيرة من كبائر الذنوب وهو داخل في اللواط حقيقة لأن اللوطي هو الذي يفعل فعل قوم لوط وقد كانوا يأتون النساء في أدبارهن كما يأتون الرجال.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني