الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

بين الأخذ برخصة السفر في الصلاة وأدائها جماعة في المسجد

السؤال

كيف لي أن أستفيد من رخصة القصر في السفر إذا كانت الجماعة في المسجد واجبة في السفر والإمام الراتب في المسجد مقيم فذلك معناه أني سأتم ولن أستفيد من الرخصة؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقبل جواب سؤالك لا بد من بيان أمرين:

أولهما أن المسافر إذا صلى خلف المقيمِ أتم؛ لما صح عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما أنه سُئل: ما بال أحدنا إذا صلى وحده قصر، فإذا صلى خلف إمامه أتم، فقال: تلك السنة، وفي روايةٍ: سنة نبيك صلى الله عليه وسلم.

وقد أتم الصحابة خلف عثمان حينَ أتم بمنىً متأولا، وعلل ذلك ابن مسعودٍ بقوله: الخلافُ شر، وهذا ثابتٌ في الصحيح.

والأمرُ الثاني: هو حكم الجماعة في حق المسافر، فكثيرٌ من الموجبين للجماعة لا يرون وجوبها في حال السفر قياساً على الجمعة، قالوا: فإذا كانت الجمعةُ تسقط عن المسافر بنص الخبر فالجماعةُ أولى، وذهبَ جماعةٌ من أهل العلم إلى وجوبِ الجماعة في الحضر والسفر لعمومات الأدلة.

قال العلامة ابن باز رحمه الله: وليس لأحد أن يصلي وحده سواء كان مسافرا أو مقيما في محل تقام فيه الجماعة، بل عليه أن يصلي مع الناس ويتم معهم؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر. أخرجه ابن ماجة والدارقطني وابن حبان والحاكم بإسناده على شرط مسلم. وقد قيل لابن عباس رضي الله عنهما: ما هو العذر؟ فقال : خوف أو مرض. وسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل أعمى فقال: يا رسول الله إنه ليس لي قائد يقودني إلى المسجد فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ فقال له عليه الصلاة والسلام: هل تسمع النداء للصلاة؟ قال: نعم. قال: فأجب. أخرجه مسلم في صحيحة. وقال عليه الصلاة والسلام : لقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام ثم آمر رجلا فيصلي بالناس ثم أنطلق معي برجال معهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم بالنار متفق على صحته. وقال ابن مسعود رضي الله عنه:من سره أن يلقى الله غدا مسلما فليحافظ على هؤلاء الصلوات حيث ينادى بهن فإن الله شرع لنبيكم سنن الهدى وإنهن من سنن الهدى ولو أنكم صليتم في بيوتكم كما يصلي هذا المتخلف في بيته لتركتم سنة نبيكم ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم، وما من رجل يتطهر فيحسن الطهور ثم يعمد إلى مسجد من هذه المساجد إلا كتب الله له بكل خطوة يخطوها حسنة ويرفعه بها درجة ويحط عنه بها سيئة، ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق أو مريض، ولقد كان الرجل يهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف. أخرجه مسلم في صحيحه. والأحاديث في هذا المعنى كثيرة ، فالواجب على كل مسلم مسافر أو مقيم أن يصلي في الجماعة ، وأن يحذر الصلاة وحده إذا كان يسمع النداء للصلاة . انتهى.

وعلى هذا القول فإن قصرك الصلاة في السفرِ ممكنٌ في أحوالٍ كثيرة منها: إذا ما فاتتك الجماعة لعذر ، أو كان معك من المسافرين من تصلي معه في جماعة، أو إذا جمعت بين الصلاتين تقديماً أو تأخيرا، فإنك ستقصر إحداهما وهي التي لا تصليها مع الإمام، وكذلك إذا كنت ترى عدم وجوب الجماعة في السفر أو تقلد من يفتي بذلك من أهل العلم، مع أننا ننبهك إلى أن الأفضل الصلاةُ في جماعة حتى مع القول بعدم وجوب الجماعة في السفر تحصيلاً لثواب الجماعة وخروجاً من خلاف من أوجبها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني