الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مسألة حول أسماء الله الحسنى وتعدادها

السؤال

السؤال: موضوع كتب في منتدى أنا مشتركة فيه ونريد معرفة صحة هذا الكلام لكي يكون الناس جميعاً على بينة؟ هذا هو الموضوع: أكدت دار الإفتاء المصرية في ردها علي ما أثاره علماء أزهريون بشأن بعض أسماء الله الحسني على نحو ما اشتهرت به عند الناس، أن هناك اجتهادات قديمة من قبل العلماء في هذا الموضوع، لكن رواية الترمذي الشهيرة هي أرجحها، موضحة كذلك أنها لا تنحصر في التسعة والتسعين اسمًا المعروفة، وإنما تتجاوز ذلك دون تحديد، واعتبرت محاولات العلماء لتعيين التسعة والتسعين اسمًا، اجتهادات مقبولة، ويجوز للمسلم تقليد إحداها، لكنها مع ذلك رفضت التعصب لرأي معين، والحكم ببطلان ما عداه، كما ذهب العلماء الذين أنذروا شيخ الأزهر الدكتور محمد سيد طنطاوي من أجل إلغاء 21 اسمًا من أسماء الله الحسني، بدعوى عدم صحتها، وعدم جواز تسمية الله بها، واستبدالها بالأسماء الصحيحة الثابتة بالكتاب والسنة .
وعلقت على الإنذار الذي وجهه الشيخ يوسف البدري ومجموعة أخرى من العلماء والدعاة، بقولها: إنه لا ينبغي أن يعلن أحدهم (العلماء) أنه اكتشف خطأ الأمة في اختيارها حديث الترمذي، وأقصي ما يكون له أن يساهم بمساهمته كما فعل ابن حجر، والقرطبي، وغيرهما، فهو بذلك وقع في إلغاء ما عول عليه العلماء، وفي إشارة إلي دعوتهم بإلغاء أسماء الله الحسني مثار شكوكهم، عدت دار الإفتاء الأمر كارثة أن يعمد المجتهد - إن كان مجتهدًا - لإلغاء ما قبله من أقوال، كما أنه ليس له أن يصور للناس أنه جاء بجديد، فقد سلك قبله ابن حجر والقرطبي وغيرهما هذا المسلك، فنسأل الله أن يرزقنا الفهم .
وكان الدكتور عبد الرازق الرضواني، وهو عالم مصري متخصص في العقيدة الإسلامية، انتهي في دراسة إلى عدم توافر الشروط التي حددها العلماء في 29 من أسماء الله الحسني المشتهرة بين الناس، وهي: الخافض الرافع المعز المذل العدل الجليل الباعث المحصي المبديء المعيد المحيي المميت الواجد الماجد الوالي المنتقم ذو الجلال والإكرام المقسط الجامع المغني الضار النافع النور الهادي البديع الباقي الرشيد الصبور .
من ناحيتها، أشارت دار الإفتاء إلى ما ذهب إليه جماهير العلماء من أن أسماء الله الحسني لا تنحصر في العدد الوارد في حديث أبي هريرة عن النبي صلي الله عليه وسلم: إن لله تسعة وتسعين اسمًا، من أحصاها دخل الجنة ، وإنما هي أكثر من ذلك، وإن خالف بعض العلماء في ذلك كابن حزم الظاهري، حيث عد ذلك خطأ منهم.
وحصرت السبيل إلي معرفة أسماء الله سبحانه وتعالي بطريق واحد هو الشرع، فأسماء الله توقيفية ، إذ يقول الرازي: إن مذهبنا أن أسماء الله تعالي توقيفية لا قياسية، فقوله أولاً: اذْكُرُوا اللَّهَ أمر بالذكر، وقوله ثانيًا: وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ أمر لنا بأن نذكره سبحانه بالأسماء والصفات التي بينها لنا وأمرنا أن نذكره بها، لا بالأسماء التي نذكرها بحسب الرأي والقياس .
وحسب قولها، فإن هناك طرقًا ثلاثة في تعيين أسماء الله الحسني، أولاها اعتماد المتفق عليه في حديث الترمذي من الأسماء المذكورة فيه، التي جاءت في القرآن وصحيح السنة، وثانيها محاولة تغيير بعض الأسماء، التي لم ترد أو وردت بأحاديث ضعيفة، وثالثها محاولة استخراج جميع الأسماء من القرآن الكريم.
ومما ورد علي خلاف رواية الترمذي - الشهيرة عند العامة - ما ذكره ابن حزم، فقد نقل ابن حجر العسقلاني عن الغزالي: لم أعرف أحدًا من العلماء اعتني بطلب الأسماء وجمعها من الكتاب سوى رجل من حفاظ أهل المغرب يقال له: علي بن حزم، فإنه قال: صح عندي قريب من ثمانين اسمًا، اشتمل عليها الكتاب .
وعلق الغزالي علي ذلك بقوله: فليتطلب الباقي من الصحاح من الأخبار. وأظنه لم يبلغه الحديث الذي في عدد الأسماء، أو بلغه واستضعف إسناده .
في حين أكد ابن حجر أن ما ذكره ابن حزم لم يقتصر فيه علي ما في القرآن، بل ذكر ما اتفق له العثور عليه منه، وهو سبعة وستين اسمًا متوالية، كما نقلته عنه آخرها: الملك، والأخرى من الأحاديث .
وزاد ابن حجر عليه، اثنين وثلاثين اسمًا، هي: المولي، النصير، الشهيد، الشديد، الحفي، الكفيل، الوكيل، الحسيب، الجامع، الرقيب، النور، البديع، الوارث، السريع، المقيت، الحفيظ، المحيط، القادر، الغافر، الغالب، الفاطر، العالم، القائم، المالك، الحافظ، المنتقم، المستعان، الحكم، الرفيع، الهادي، الكافي، ذو الجلال والإكرام ، وجميعها وردت واضحة في القرآن إلا الحفي فإنه في سورة مريم.
وانتهت دار الإفتاء إلي جواز اتباع أي السبل المذكورة في معرفة أسماء الله الحسني، لكنها رجحت اعتماد ما ورد في حديث الترمذي، لأنها الرواية المشتهرة في أسماء الله الحسني، ولأن كبار العلماء عولوا عليها في شرح أسماء الله الحسني كأبي حامد الغزالي في كتابه المقصد الأسني وغيره من العلماء.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن الراجح عند المحققين من أهل العلم هو ضعف حديث الترمذي، فقد ضعفه شيخ الإسلام وابن حجر وغيرهما، والراجح كذلك أن أسماء الله توقيفية، وما ذكر في هذا الكلام من طرق تعيين الأسماء الحسنى كلام قديم لأهل العلم واجتهادات لها حظ من النظر، ولكن الأولى في تعيينها هو التتبع لما صح في الكتاب والسنة كما جزم ابن كثير من المحققين.

وقد جمع الشيخ ابن عثيمين في القواعد المثلى تسعا وتسعين اسما ثبت ذكرها في الكتاب والسنة ولا شك أن تقدير جهود العلماء الأقدمين أمر مهم جدا، كما أن اختيار بعض أهل العلم لما ترجح عنده بالدليل لا ينبغي أن ينكر عليه ولا يعاب.

ولمزيد من الفائدة يرجى مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 97032، 12383، 49892، 101344، 57265، 97032.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني