الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم دفع المال للأب ليشتري به خمرا

السؤال

أنا ابنة وحيدة متزوجة ولي أطفال، أختي توفاها الله منذ 10 سنوات، أبي يسكن معي وهو مدمن خمر، وللأسف يرفض أي علاج، وهو لا يعمل، ويأخذ مني الفلوس لشراء الخمر، و إذا رفضت يستلف من الناس مما يحتم علي رد هذه المبالغ أيضا، كما أنه قد قام بالاعتداء على الخادمة والحمد لله نجحت في حمايتها منه، و لكني أعاني منه كثيراً و لا أستطيع تركه وحيداً، فليس له غيري، و لكني لا أريد لأبنائي أن ينشؤوا في هذا الجو البغيض. و أريد أن أسأل هل علي وزر بسبب إعطائه هذا المال لينفقه في الحرام؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالخمر أم الخبائث، وشربها من أكبر الكبائر، ومما يوجب غضب الله، فعن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لعن الله الخمر وشاربها وساقيها وبائعها ومبتاعها وعاصرها ومعتصرها وحاملها والمحمولة إليه. رواه أبو داود، وصححه الألباني.

وإذا كان الشرع قد عظم حق الوالدين، وأمر بحسن صحبتهم مهما كان بعدهم عن الدين، إلا أنه جعل طاعتهم مقيدة بما لا يخالف الشرع، فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.

وعلى ذلك، فلا يحل لك أن تعطي والدك مالاً ليشتري به خمراً، لما فيه من المعاونة له على هذا المنكر، قال تعالى: وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ {المائدة: 2}.

ولا يلزمك أن تردي المبالغ التي يستدينها لشراء الخمر، وعليك أن تحذّري هؤلاء الناس من إعطائه مالاً، وتحولي بينه وبين كل ما يعينه على شرب الخمر.

واحرصي على إبعاد أولادك عن مخالطته والتأثر بأخلاقه، واعلمي أنه لا يجوز لكم أن تجلسوا معه حال شرب الخمر، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يقعد على مائدة يدار عليها الخمر. رواه أحمد، وصححه الألباني في الإرواء.

وعليك أن تجتهدي في سبيل علاجه من هذا الإدمان، واستشيري في ذلك من تثقين فيه من أهل الخير والصلاح من أقاربك وأهل معرفتك. ولا يمنعك الحياء المذموم من ذلك، فإنك إن تساهلت في ذلك فلربما يصل الأمر إلى ما هو أشنع وأخطر مما لا تحمد عقباه، فبادري بالأمر قبل فوات الأوان، ونعود نؤكد عليك في بره بالمعروف ونصحه برفق، والإلحاح في الدعاء له، فإن الله قريب مجيب.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني