الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تحكم (المجلس الحسبي) في المال لا يبرر عدم إخراج الزكاة

السؤال

لقد أرسلت لكم في الفتوى رقـم: 120505 سؤال:
قد راسلتكم سابقا عن موضوع والدي بالفتوى رقم:110622، والاستشارة رقم:2220765. والآن بعد وفاة والدي اتضح لي أنه لم يدفع الزكاة لمدة 6 سنوات، ولن نستطيع إخراجها لأن لدينا قاصرا وهي والمجلس الحسبي سيكون المتحكم والمتصرف في هذا المال، بالإضافة لعدم التأكد على حد علمي لكن بشكل عام اتفق الجميع أن يدفع ما على والدي من زكاة عندما يأخذ كل حقه من الميراث، ويوجد من البعض من يريد تقسيطه لأن الإرث سيكون قليلا بالنسبة لهم كزوجة أبي والتي ستعتاش من المعاش والإرث، وللصرف على أختي منه، أو لمبادلته معنا لتستحوذ هي على الشقة ونحن نأخذ ما تبقى، علما بأن في ذلك تقليلا من حقي أنا وأخي إلا أننا لو وافقنا على هذا سيكون تكريما لروح والدي، ولإبعادهم عن المشاكل فما رأيكم في الموضوع ككل؟ وما الذي يجب اتخاذه حيال ذلك من سداد الإرث؟ وهل هو أصبح دينا في رقبتنا كما أن الدين على المتوفى يصبح في رقبة ورثته؟ وما هي عواقب وذنوب إهمال دفعه؟ وهل في تقسيم الإرث بيننا بتنازلي أنا وأخي عن الشقة لصالح أختي وأمها، علما بأن باقي الميراث لا يكفي باقي حقنا ككل في الشقة، فهل يمكن اعتبار هذا الفارق زكاة دفعناها لصالحهم نظراً لحالة الضيق التي ستكون عليها زوجة أبي وأختي بعد الوفاة، نظراً لأنهم سيكون معظم اعتمادهم على معاش والدي فقط، وباقي الإرث لن يكفي شيئا لهم عندما يدفعوا الفارق فيما بيننا؟
فعلى حد علمي والدي كان لديه شقة يعيش بها تقدر حاليا بـ 200 ألف جنيه، وشقة في مكان بعيد يؤجرها أعتقد بـ 300 جنيه ومقدرة بـ 80 ألفا، ومحل أعتقد أيضا أنه غير مؤجر ومغلق لكنه مقدر بـحوالي 50 ألفا، ووديعة بالبنك مقدرة بـ 138 ألف جنيه، وأرضين بمكان لم يصل له العمران وعند تقدريهم تراوحت بين 10 إلى20 ألف على حد علمي، وشقة مؤجرة بما يقارب بـ 350 جنيه أخرى ومقدرة بـ 200 ألف جنيه، لكنها مناصفة بيننا الآن وبين ورثة عمي رحمه الله، وتوجد أرض علمت أن أبي لم يقم بالعملية قبل وفاته حتى يأخذ ثمن محصولها ولكن تذكر بالإرث ولا أعلم السبب وراء إخفائها، علما أيضا أن الإيجار بعد وفاة الوالد لم تعطينا زوجة أبي حقنا منه عن الشهر التالي لوفاته ولكنها أعطتنا إياه فيما بعد.
هذه تقريبا بيانات الإرث الذي لم يدفع عنه والدي الزكاة منذ 6 سنوات، فماذا ترون في الأمر ككل التقسيم مع زوجة أبي وأختي والزكاة؟
الفتوى: وقد كان ردكم: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنقول ابتداء لقد أطال السائل بذكر تفاصيل عن ممتلكات أبيه لا حاجة لها في السؤال ولا في الجواب، وإننا نرى أنه يجب عليكم إخراج الزكاة من التركة فوراً ، وأنه لا حق لكم فيها بل هي حق لأهلها، والورثة إنما يأخذون من التركة ما تبقى بعد الوصية والدين، كما قال الله تعالى: ... مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ. {النساء:11}. ويجب إخراجها كاملة دفعة واحدة من غير تقسيط، لأنها كما ذكرنا حق للفقراء وليست حقاً لكم، وكون نصيب بعضكم من الإرث قليلاً هذا ليس عذراً في عدم إخراج الزكاة التي هي ليست أصلاً من جملة التركة، ولا يمكن اعتبار ما يتنازل عنه السائل لأخته وأمها من الزكاة.
والله أعلم.
--------------
وأود أن أشير لفضيلتكم أني طرحت هذه التفاصيل حتى تفتوني بنصاب زكاة كل منها وما له زكاة وما ليس له زكاة
أما عن التقسيط فقد أشرت أيضا أن لي أختا قاصرا ولن نستطيع إخراج شئ من حقها لأن المجلس الحسبي رقيب ولن يعترف بشيء من هذا كموضوع الزكاة.
لذا أرجو من سيادتكم بعد إذنكم التأني في قراءة ما أرسلته لكم وعدم التعجل في الرد ولكم جزيل الشكر أفادنا وأفادكم الله بعلمه؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالأمر أخي السائل على ما ذكرناه لكم من وجوب إخراج الزكاة قبل قسمة التركة، وما ذكرته من أنه يوجد في الورثة قصر، وأن المجلس المشار إليه هو الذي يتولى التصرف في نصيبه من التركة هذا ليس مبررا لعدم إخراج الزكاة، ويمكنكم أن تشهدوا جميعا عند ذلك المجلس بأن على والدكم زكاة لم يخرجها حتى يخصم قيمة الزكاة من التركة ومن نصيب القصر، فإن امتنع المجلس من ذلك فإن على كل واحد منكم أن يخرج ما وصل إلى نصيبه من هذه الزكاة، ويتحمل والدكم تقصيره فيما أوجب الله عليه مما لم يتم إخراجه. وأمره إلى الله إن شاء عذبه وإن شاء غفر له.

وما ذكرته من أنكم تريدون التنازل عن شيء من نصيبكم لزوجة أبيكم وأختكم على أنه زكاة عن أبيكم وابنته لا يصح لأن الزكاة لا تدفع إلى من تجب نفقتهم على المزكي كالزوجة والفروع، فزوجة أبيكم وابنته لا يصح أن تدفع لهما زكاة ماله، والعقارات التي كان يملكها أبوكم ويسكنها لا تجب الزكاة في قيمتها، وكذا العقارات التي كان يؤجرها لا تجب الزكاة في قيمتها، وإنما تجب في مدخولها إذا بلغ نصابا بنفسه، أو بما انضم إليه من نقود أخرى أو ذهب أو فضه أو عروض تجارة، وحال عليه الحول، والمحل المغلق إذا لم يتخذه والدك للتجارة بمعنى أنه اشتراه ليؤجره لا ليبيعه عند ارتفاع سعره، فهذا لا زكاة في قيمته، وإن اشتراه ليبيعه عند ارتفاع سعره فإنه يزكى زكاة عروض التجارة فيقوم المحل ويخرج من قيمته ربع العشر، وكذا الأراضي التي كان يملكها ما كان منها اشتراه بنية زرعه أو البناء عليه فلا زكاة فيه، وما اشتراه بنية الاتجار به وبيعه عند ارتفاع سعره ففيه الزكاة. وانظر الفتوى رقم: 285. حول زكاة العقارات، والفتوى رقم: 119871. بعنوان هل تجب الزكاة في العقار الموروث، والفتوى رقم: 100434حول الأراضي التي تجب فيها الزكاة.

ولعل الأفضل للأخ السائل أن يشافه أهل العلم بهذا المسائل المتعلقة بالميراث وزكاته السابقة لأنها من المسائل الشائكة التي تحتاج إلى إيضاح أكثر وتفصيل.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني