الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كفارة من صلى على الجنازة وهو جنب

السؤال

لو تكرمتم علي بأن تنصحوني كيف أكفر عن ذنب ارتكبته من عشرين سنة، والذنب الذي ارتكبته لم يفارق مخيلتي أبدا، والشخص الذي ارتكبت الذنب معه هو أخ مسلم مثلي، وضميري دائما يؤنبني بذنبي، ويوم ارتكبت الذنب كنت بالغا لكن ارتكبته وأنا نادم على ما فعلت، وهو: عندما توفي هذا الأخ أنا كنت على جنب وذهبنا بالجثمان إلى المسجد لكي نصلي صلاة الجنازة، مع العلم أني لم أدخل المسجد حينها لأني كنت على ما كنت عليه، لكن الكل كان يطلب مني الدخول للصلاة قبل قيامها، تصور كم كنت خجلا من نفسي في الوضع الذي كنت فيه، وكنت حزينا كثيرا من ما كنت فيه، وأخيرا دخلت من خجلي من الجميع، والكل يعرف أني مسلم وكيف مازلت متأخرا عن الدخول لقضاء صلاة الميت، وصليت معهم ثم ذهبنا ودفناه، وفي نفس الليلة رأيت المتوفى في منامي وكان ينظر لي بنظرة وليس مثلها نظرة، كان ينظر إلي بنظرة المنزعج الغضبان، ومنذ ذلك الوقت وليومنا هذا لم يذهب من مخيلتي أبدا وأحاسب نفسي كيف فعلت الذنب وأنا نادم جدا على ما اقترفت، ودائما أطلب من الله المغفرة على ما فعلت، لكن لم أفعل هذا الذنب إلا مرة واحدة في حياتي، ومن وقت لآخر أذهب للمقبرة وأغسل له قبره، وأقرأ له الفاتحة في كل صباح، وأدعو له كما يجب من الدعاء، وتصدقت له بصدقة لمسجد، ودائما أقدم ما أستطيع لأرملته وأولاده، ومنذ فترة أتاني في منامي وقبلني من خدَي لكني ما زلت نادما وخائفا من عذاب الله ، ودائما احذر أصحابي و أحبابي وكل من أعرفه أقول لهم وإياكم أن تفعلوا هذان الشيْئان يقولون وما هما ؟أقول: الضرر بالناس، والإشراك بالله. وأخيرا وليس آخر ما زلت نادما على فعلتي، وإذا تكرمتم على بكرم الإسلام ساعدوني كيف أكفر عن ذنبي الكبير هذا؟ وأنا لكم من الداعيين ولكم مني تحية الإسلام والشكر الخالص. اللهم اجعلنا رحماء لبعضنا البعض يا رحمن يا رحيم آمين آمين آمين؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالذي فهمناه من السؤال أن ذنبك وإساءتك هو كونك صليت على جنازة هذا الأخ المذكور وأنت على جنابة.

فنسأل الله جل وعلا أن يغفر لك ذنبك بكرمه ومنه ورحمته، واعلم أن الخجل من الناس لا يبرر لك ما فعلته؛ لأن الله جل جلاله أحق أن تخشاه، وقد كان يمكنك تدارك الأمر بالاغتسال في دورة مياه المسجد مثلا.

وإذا خفت فوات صلاة الجنازة بالاغتسال فقد ذهب شيخ الإسلام ابن تيمية إلى جواز التيمم في تلك الحالة، فقال: أصح أقوال العلماء أنه يتيمم لكل ما يخاف فوته، كالجنازة وصلاة العيد وغيرهما مما يخاف فوته؛ فإن الصلاة بالتيمم خير من تفويت الصلاة. مجموع الفتاوى.

وعلى أية حال فكفارة ما فعلته تكون بالاستغفار والتوبة النصوح، وبما أنك قد ندمت على ما فعلت فإن النبي عليه الصلاة والسلام قال: الندم توبة. رواه أحمد وابن ماجه وصححه الألباني.

إلا أن من شروط التوبة أيضا العزم على عدم الوقوع في ذلك مرة أخرى. وانظر شروط التوبة في الفتوى رقم: 5450.

ونسأل الله سبحانه أن يتقبل منك ما فعلته من الصدقة عن ميتك، وأن يجزيك خيرا عن تقديم ما تستطيعه لأرملته وأولاده وتحذير أصحابك من الضرر والشرك.

وأما غسلك القبر؛ فهذا ليس بمشروع؛ لأنه لم يرد عن النبي عليه الصلاة والسلام ولا عن أصحابه ولا عن التابعين لهم بإحسان، فالصواب تجنبه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني