الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

إذا نسي المصلي التكبير لسجود التلاوة

السؤال

هل يجب على الإمام الذي سها عن التكبير عند الرفع من سجود التلاوة في صلاة الفرض سجود السهو؟ وهل هو قبل التسليم أم بعده ؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالتكبير لسجود التلاوة وللرفع منه في الصلاة مشروع، لعموم ما ثبت من تكبير النبي صلى الله عليه وسلم في كل خفض ورفع، والسجود للتلاوة خفض والرفع منه رفع.

قال الشيخ ابن باز رحمه الله: سجدة التلاوة مثل سجود الصلاة، فإذا سجد في الصلاة عند السجود يكبر وإذا رفع يكبر إذا كان في الصلاة، والدليل على هذا ما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه في الصلاة يكبر في كل خفض ورفع، إذا سجد كبر، وإذا نهض كبر. هكذا أخبر الصحابة عنه صلى الله عليه وسلم من حديث أبي هريرة وغيره. انتهى. وانظر الفتوى رقم: 23720.

ولكن إذا نسي المصلي إماماً كان أو منفرداً التكبير لسجود التلاوة، فإنه لا يسجدُ للسهو عند الجمهور من المالكية والشافعية وغيرهم، بل ذهب الشافعيةُ إلى أن تعمد سجود السهو لغير الأبعاض تبطل به الصلاة.

قال الخطيب الشربيني في مغني المحتاج: ( ولا تجبر سائر السنن ) أي باقيها كأذكار الركوع والسجود، وقنوت النازلة، إذا تركت بالسجود لعدم وروده فيها، لأن سجود السهو زيادة في الصلاة فلا يجوز إلا بتوقيف فلو فعله لشيء من ذلك ظانا جوازه بطلت صلاته، إلا أن يكون قريب عهد بالإسلام أو بعيدا عن العلماء. قاله البغوي في فتاويه بخلاف الأبعاض لوروده في بعضها وهو السجود لترك التشهد الأول كما مر وقيس عليه الباقي. انتهى.

وأبعاض الصلاة التي يُسجد للسهو بتركها ستة عندهم ليس منها تكبيرة الانتقال.

ومن ثم فسجود السهو في هذه الصورة غيرُ مشروع عند الجمهور كما عرفت، وأما الحنابلة فإنهم قد صرحوا بوجوب التكبير لسجود التلاوة كالتكبير لسجود صلب الصلاة.

قال في شرح منتهى الإرادات : يكبر في سجود التلاوة تكبيرتين سواء كان في الصلاة أو خارجها، تكبيرة إذا سجد وتكبيرة إذا رفع كسجود صلب الصلاة والسهو. انتهى .

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله مبيناً وجوب التكبير لسجود التلاوة في الصلاة كوجوب تكبيرات الانتقال كما هو مذهب الحنابلة: ولكن السُّنَّة تدلُّ على أنه -أي سجود التلاوة- ليس فيه تكبير عند الرَّفع ولا سلام إلا إذا كان في صلاة، فإنه يجب أن يُكبِّرَ إذا سَجَدَ ويُكبِّرَ إذا رَفَعَ؛ لأنه إذا كان في الصَّلاة ثَبَتَ له حُكم الصَّلاة، حتى الذين قالوا بجواز السُّجود إلى غير القِبْلَة إذا كان في الصَّلاة لا يقولون بذلك.

ودليل ذلك: ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه أنَّ الرَّسولَ صلّى الله عليه وسلّم سَجَدَ في إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ. في صلاة العشاء. وثَبَتَ عنه أنَّه كان يُكبِّر في كُلِّ رَفْعٍ وخَفْضٍ فيدخل في هذا العموم سُجودُ التِّلاوة. انتهى.

ولم نجد لهم نصاً صريحا فيمن نسي التكبير لسجود التلاوة، هل يسجد للسهو أو لا، فالأولى العمل بقول الجمهور، وهو عدم سجود السهو في هذه الصورة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني