الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مذاهب العلماء في خيار النقد

السؤال

اشتريت عقارا، وحدد في العقد وقت سداد الثمن والإفراغ، وأنه عند عدم السداد في هذا الموعد يكون من حق البائع فسخ العقد، وعجزت عن السداد وأبلغت البائع بذلك واعتبرت العقد مفسوخاً، إلا أنني بعد مرور شهرين تفاجأت بأن البائع أقام دعوى يطلب فيها إلزامي بسداد الثمن. أفيدونا أفادكم الله هل يعتبر العقد مفسوخا أم ألزم بسداد الثمن؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد اختلف الفقهاء في حكم البيع إذا تم تعليق البيع على سداد الثمن، وهذا الشرط معروف عند الفقهاء باسم خيار النقد، والراجح جوازه، فخيار النقد جائز على قول الحنفية والحنابلة، وعند المالكية في الثلاثة أيام ونحوها، ويكون المشتري مخيراً بين دفع الثمن وإتمام البيع، وإن لم يدفع المشتري الثمن فيجوز للبائع فسخ البيع، فالغالب في هذا الخيار أن البائع ينتفع به، وفي بيان ذلك يقول علي حيدر في درر الحكام ما ملخصه:

1 - يكون خيار النقد للبائع وللمشتري.

2 - يجب تعيين المدة في خيار النقد.

3 - يفسد البيع في خيار النقد إذا لم يؤد الثمن في المدة المعينة.

إذا تبايعا على أن يؤدي المشتري الثمن في وقت كذا وإن لم يؤده فلا بيع بينهما صح البيع، وهذا يقال له خيار النقد.

فالقياس يوجب عدم جواز البيع الذي يشترط فيه خيار النقد، إلا أنه جوز استحسانا، ووجه الاستحسان الاحتراز من مماطلة المشتري لأن المشتري إن لم يدفع الثمن فالحاجة تمس إلى فسخ البيع.

إذا عقد البيع بخيار النقد فللمشتري دفع الثمن وإمضاء البيع، وفسخ البيع وعدم دفع الثمن، فيكون الخيار ثابتا للمشتري مع أن الغالب في ذلك أن الذي ينتفع من الخيار إنما هو البائع.

وفي سائر الخيارات النفع لصاحب الخيار إلا خيار النقد فالأمر فيه بخلاف ذلك إذ الخيار في جانب والمنفعة في جانب كما تقدم. اهـ.

وقال ابن قدامة في المغني: فإن قال: بعتك على أن تنقدني الثمن إلى ثلاث، أو مدة معلومة، وإلا فلا بيع بيننا. فالبيع صحيح. نص عليه. وبه قال أبو حنيفة، وقال مالك: يجوز في اليومين والثلاثة ونحوها، وإن كان عشرين ليلة فسخ البيع. وقال الشافعي، وزفر: البيع فاسد ؛ لأنه علق فسخ البيع على غرر، فلم يصح، كما لو علقه بقدوم زيد. ولنا أن هذا يروى عن عمر رضي الله عنه، ولأنه علق رفع العقد بأمر يحدث في مدة الخيار فجاز، كما لو شرط الخيار، ولأنه نوع بيع، فجاز أن ينفسخ بتأخير القبض، كالصرف، ولأن هذا بمعنى شرط الخيار ؛ لأنه كما يحتاج إلى التروي في البيع، هل يوافقه أو لا ؟ يحتاج إلى التروي في الثمن، هل يصير منقودا أو لا ؟ فهما سيان في المعنى، متغايران في الصورة، إلا أنه في الخيار يحتاج إلى الفسخ، وها هنا ينفسخ إذا لم ينقد ؛ لأنه جعله كذلك. اهـ.

ولمزيد الفائدة يمكنك مراجعة الفتاوى الآتية أرقامها: 106056، 108016، 109844.

فعلى قول الحنابلة وموافقهيم فخيار النقد صحيح، وما دمت لم تأت بالثمن فالبيع مفسوخ، وعلى قول الشافعية فالبيع فاسد أصلاً فلا وجه لإلزامك بالثمن.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني