الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ليس من العشرة بالمعروف اتهام الزوجة وتحقيرها لأمر لا تملكه

السؤال

كيف أتصرف مع زوجي الذي بدأ يمل من وضعه كلاجئ فلسطيني لا يحمل هوية، ويتهمني بالحقارة والخيانة لأنه حين تزوجني قبل 8 سنوات كان يظن أن أبي نظرا لوضعه الاجتماعي سيخرج له الهوية بسهولة، ولكن ساءت الأوضاع، ولا أحد يستطيع الحصول على الهوية بسهولة، ودائما يقارن بيني وبين أهل زوجات أصدقائه حيث يذهبون إلى بلادهم كل صيف، ويستمتعون بالإجازة، وأنا أهلي في غزة، وكأنني ليس لي أهل، نظرا لصعوبة العبور. تحملته كثيرا ولا أبادله الشتائم محتسبة الأجر، ولكني تعز علي نفسي أن أتهم بالحقارة لأجل ما لا أملك أن أفعله له. أفيدونا؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فما يفعله زوجك من سبك واتهامك بالخيانة ونحوها لأجل السبب المذكور حرام وهو من إيذاء المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا، والله سبحانه يقول: وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا. {الأحزاب: 58}.

قال ابن كثير: وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا. أي: ينسبون إليهم ما هم بُرَآء منه لم يعملوه ولم يفعلوه، فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا. انتهى.

بالإضافة إلى ما في هذا الفعل من مخالفة أمر الله سبحانه في معاشرة الزوجة بالمعروف، كما قال سبحانه: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ. {النساء:19}. ومن المعاشرة بالمعروف أن يلين الرجل لزوجته الجانب، وأن يخفض لها الجناح، وأن يطيب لها الكلام، وأن يتجنب ما عساه أن يؤذيها ويحزنها ويكسر قلبها.

قال ابن كثير في تفسيره للآية السابقة: أي طيبوا أقوالكم لهن، وحسنوا أفعالكم وهيئاتكم بحسب قدرتكم كما تحب ذلك منها، فافعل أنت بها مثله، كما قال تعالى: ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف. انتهى.

وقد جاء في كتاب الزواجر عن اقتراف الكبائر: الكبيرة الحادية والخمسون: الاستطالة على الضعيف والمملوك والجارية والزوجة والدابة، لأن الله تعالى قد أمر بالإحسان إليهم بقوله تعالى: وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُورًا. انتهى.

وليعلم هذا الزوج أن اتهام زوجته بالخيانة إثم عظيم، وقد جاء الوعيد الشديد لمن يقدم على ذلك، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ومن قال في مؤمن ما ليس فيه أسكنه الله ردغة الخبال حتى يخرج مما قال وليس بخارج. رواه أبو داود وغيره وصححه الألباني. وردغة الخبال هي عصارة أهل النار.

فعليك أن تنصحي زوجك بتقوى الله وطاعته، وأن يرضى بقضاء الله وقدره، وأن يشتغل بدل السب والتسخط بتذكر نعم الله العظيمة عليه في الدين والصحة وغير ذلك، فإن ذلك مما يجلب له الرضا والسكينة، وذكريه أن النعم لم تنحصر فيما يريده من الحصول على الهوية. فكم لله من نعم عليه ظاهرة وباطنة لا يحصى عددها ولا يدرك مداها، ومن عمي بصره وبصيرته عن نعم الله المتتابعة المتوالية آناء الليل والنهار، وجلس يعدد المصائب فقد ساء أدبه، ومات قلبه، وحضر عذابه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني