الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم الصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم بغير الصيغ المأثورة

السؤال

ما رأي سماحتكم في هذا الدعاء المخترع من طرف أحد شيوخ الطرق الصوفية : اللّهم صلّ أكمل صلواتك وسلّم أتمّ سلامك على سيدنا محمّد بحر الجود وكنز الوجود ومحور الشهود وإنسان عين الوجود والسّرّ السّاري في جميع الوجود بعدد تجلّيات الله في الوجود، صلاة تفتح لنا بها في ميادين المعرفة كلّ باب وتزيل بها عن قلوبنا كلّ حجاب وتسهّل بها عنّا فيك السّير وتقلع بها من قلوبنا جذور الغير، حتى لا يبقى لدينا في الوجود إلاّ وجودك وفي الشهود إلاّ شهودك وتعلي لنا بها الدّرجات وتطيّب بها لنا الأوقات وتسعدنا بها في الحياة وبعد الوفاة وتهدي بها منّا القلب وتفيض عليه من مكنون علم الغيب فيزداد بها يقينا ورسوخا وتمكينا وتكسونا بها أعظم حلّة من التوفيق للعمل بشرعك المقدّس وأعلى خلعة من نور بهائك الأقدس، وتتوّجنا بها بتاج محبّتك السنية ودوام الشوق إلى حضرتك العلية حتى نستوجب منك في الدّارين الإكرام والوفاة على الإيمان في غير ضرّاء مضرّة ولا فتنة مضلّة، وعلى آله وصحبه وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين. والحمد لله ربّ العالمين.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالصيغة المذكورة فيها عبارات قد يحتمل معنى باطلا كقوله ـ السّرّ السّاري في جميع الوجود بعدد تجلّيات الله في الوجود ـ وقوله ـ حتى لا يبقى لدينا في الوجود إلاّ وجودك ـ فهذه العبارات قد يفهم منها القول بوحدة الوجود، وإن كنا نظن أن الداعي يقصد منها معنى صحيحا، لأن المتعين هو حمل كلامه على أحسن المحامل مادام يمكن حمله على وجه صحيح، ولكن لما كانت تحتمل معنى باطلا كان الأولى هو اجتنابها فإن من هدي شرعنا الحنيف إبعاد أتباعه عن قول ما يوهم ظاهره معنى باطلا.

وأما إن كان الداعي يؤمن بوحدة الوجود، فقد سبق الكلام عنها في الفتوى رقم: 11542.

ومحبة النبي صلى الله عليه وسلم لا تقاس بالعبارات المنمقة المتكلفة، وإنما تقاس بمدى اتباعه، فإن أكثر الناس حبا للنبي صلى الله عليه وسلم وتعظيماً له هم الصحابة رضوان الله عليهم، ومع ذلك لم يؤثر عنهم مثل ذلك التفنن والتصنع، وإنما لما نزل الأمر بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم طلبوا منه أن يعلمهم كيفية الصلاة عليه، فعلمهم أفضل الكيفيات في الصلاة عليه، وقد سبق بيانها في الفتوى رقم: 5733.

وبناء عليه، فإن الأولى بالمسلم اتباع السلف والالتزام بالمأثور وعدم الإحداث في مجال العبادات، ثم إنه قد جوز أهل العلم الإتيان بغير الصيغة التي علمها الرسول صلى الله عليه وسلم لأصحابه، واستدلوا لذلك بإقراره للصحابة الذين كانوا يلبون بألفاظ أخرى غير التلبية التي لبى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن محل هذا إذا صلى بما لا محذور فيه، ولم يعتقد أن ما أتى به سنة أو التزمها ودوام عليها فصيرها سنة، وبهذا يعلم أنه لا بأس بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بالصيغة المذكورة في السؤال بالشروط التي ذكرت، وإن كان الأولى اجتنابها والتزام ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني