الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

التعريف بكتاب زاد المستقنع وبلوغ المرام

السؤال

أريد تعريفا بكتاب بلوغ المرام، وكتاب زاد المستقنع، من حيث محتواهم ومذهبهم، وأيهم أفضل؟
وهل هو كاف للمسلم؟ أم يجب علي أن أقرأ الفقه في كتب أخرى بجانبهما؟.
وأسأل أيضاً: عن صحة الأحاديث بكل منهما؟ وأيهما أصح أحاديث؟.

الإجابــة

لحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلا تمكن المقارنة بين كتابي زاد المستقنع وبلوغ المرام، لأن موضوع كل منهما مختلف، فكتاب زاد المستقنع متن في الفقه مختصر جدا على مذهب الإمام أحمد ـ رحمه الله ـ وأصله هو كتاب المقنع للموفق ابن قدامة ـ رحمه الله ـ ثم اختصره الحجاوي ـ رحمه الله ـ في هذا المتن المعروف بزاد المستقنع في اختصار المقنع، والمتن نفسه خال من الأحاديث، لأن مقصوده هو ذكر المسائل الفقهية دون إكثار من الفروع إلا ما دعت إليه الحاجة ودون ذكر للدليل ولا للتعليل، وهذا متن مهم جدا عند علماء الحنابلة.

ومن أراد طلب العلم والاشتغال بالمذهب الحنبلي فإنه يشتغل به حفظا، مع مطالعة ما كتب عليه من الشروح والحواشي، ومن أمثلها الروض المربع للبهوتي، مع حاشيته لابن قاسم، وكذا الشرح الممتع على زاد المستقنع للعلامة العثيمين، فإنه سهل الأسلوب واضح العبارة قد حل ألفاظ الزاد، وبين الراجح من الأقوال بدليله، وهناك حاشية نفيسة على زاد المستقنع للشيخ صالح البليهي ـ رحمه الله ـ اعتنى فيها بذكر الأدلة والحكم على الأحاديث وذكر مذاهب العلماء، وبالجملة فكتاب زاد المستقنع من المتون المهمة لطلاب العلم ومطالعة ما كتب عليه من الأمور النافعة ـ إن شاء الله.

وأما متن بلوغ المرام فهو: متن نفيس محرر متقن جمع فيه مؤلفه الحافظ شهاب الدين أبو الفضل ابن حجر العسقلاني ـ رحمه الله ـ جملة منتخبة من أحاديث الأحكام التي يكثر الاستدلال بها عند الفقهاء، وابن حجر ـ وإن كان شافعي المذهب ـ لكنه جمع متنه هذا ليذكر فيه أدلة المسائل الفقهية التي استدل بها الفقهاء على اختلاف مذاهبهم، وكثيرا ما يحكم الحافظ على الأحاديث التي يوردها مبينا صحتها من ضعفها ومشيرا إلى ما فيها من العلل.

ولما لابن حجر من قدم راسخة في علم الحديث، صارت لكتابه هذا شهرة عظيمة وصيت ذائع وانتفع به طلبة العلم على اختلاف مذاهبهم، ومن ثم صار هذا المتن من أهم الكتب المجموعة في أحاديث الأحكام، فإذاعرفت أن موضوع الكتابين ليس واحدا، فاعلم أن موضوعهما ليس متباينا، بل أحدهما يكمل الآخر ولا يغني عنه، ففي أحدهما ذكر المسائل الفقهية، وفي الآخر ذكر أدلة الأحكام، ومن ههنا قال بعض أهل العلم مشيرا إلى أهمية ذينك الكتابين، متن زاد وبلوغ، كافيان في نبوغ، والذي ننصحك به بعد ما تقدم، أن تعتني بطلب العلم على العلماء المعتبرين المشهود لهم بالرسوخ في العلم، وعليك بالإكثار من قراءة مؤلفات العلماء المعاصرين الذين عنوا بنصرة السنة وتقرير الأدلة ككتب ورسائل العلامتين ابن باز وابن عثيمين ـ رحمهما الله تعالى ـ ففيها نفع عظيم للمبتدئين في طلب العلم.

وفقنا الله وإياك لما فيه مرضاته.

والله أعلم.


مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني