الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

صلى إماما وهو يعلم أنه جنب

السؤال

أرجوكم ساعدوني يا شيوخي الكرام: في هذا اليوم ذهب قريبي إلى مكة وهو إمام لمسجد بعيد عن الحي الذي أسكن فيه وعندما غادر وهو في الطريق اتصل علي وقال لي: يا أبا عمر أريدك أن تصلي عوضا عني في صلاة الفجر إماماً وأنا وافقت، وعندما اقتربنا من صلاة الفجر لم تكن لدي سيارة فطلبت من صاحبي أن يقلني إلى المسجد الذي يبعد عني كثيراً ـ انتبهوا إلى هذه النقطة كثيراً بالنسبة للذهاب مشيا ـ فذهبت وعندما دخلت إلى المسجد أنا وزميلي الذي أوصلني تذكرت أنني على جنابة ولم أتطهر، فذهبت وتوضأت مرتين وقلت لعل الله يذهب عني الرجس، وبصراحة كنت أريد أن أن أصلي ولا أترك أحداً يصلي عوضاً عني إماماً. فأرجوكم إخواني المفتين أن تفتوني، فإني في خوف من أن تبطل صلاة تلك الصفوف كلها بسببي.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالواجب عليك أيها السائل أن تتقي الله تعالى وتتوب إليه مما فعلت من إمامتك للناس وأنت جنب فقد ارتكبت إثما عظيما, وما ذكرته من أن المسجد بعيد عنك ليس عذرا لما فعلت, وكذا الوضوء مرتين أو ألف مرة لا يرفع الحدث الأكبر, فالواجب عليك أن تتقي الله تعالى, ونرى أن إمام المسجد أخطأ أيضا حيث أوكل الإمامة إلى من ليس عنده من التقوى ما يردعه عن الإمامة بالناس وهو جنب, وماذا أفادك حرصك على التصدر والإمامة الآن وقد صليت بالناس وأنت جنب ولا حول ولا قوة إلا بالله, وانظر الفتوى رقم: 119805 .

أما حكم صلاة المأمومين فقد اختلف الفقهاء في صحة صلاة من اقتدى بمحدث يعلم ذلك, فمنهم من قال لا تصح صلاة المأمومين لأنَّ صلاتَهم مبنيَّةٌ على صلاةِ إمامِهم، فإذا بَطلتْ صلاةُ الإِمامِ بَطلتْ صلاةُ المأمومِ, وهذا مذهب الحنابلة، قال صاحب الروض: ولا تصح خلف محدث حدثا أصغر أو أكبر ولا خلف متنجس نجاسة غير معفوعنها إذا كان يعلم ذلك لأنه لا صلاة له في نفسه. هـ.

قال النجدي في الحاشية: أشبه التلاعب فيعيد من خلفه.هـ.

واختار ابن عثيمين ـ رحمه الله تعالى ـ أن صلاة المأمومين صحيحة ولو كان الإمام عالما بحدثه، فقال في الشرح الممتع: والصحيح في هذه المسألة: أنَّ صلاةَ المأمومينَ صحيحةٌ بكُلِّ حالٍ، إلا مَن عَلِمَ أنَّ الإِمامَ مُحدِثٌ، وذلك لأنهم كانوا جاهلين، فهم معذورون بالجهلِ، وليس بوسعِهم ولا بواجبٍ عليهم أن يسألوا إمامَهم: هل أنت على وُضُوءٍ أم لا؟ وهل عليك جنابةٌ أم لا؟ فإذا كان هذا لا يلزمُهم وصَلَّى بهم وهو يعلم أنه مُحدثٌ، فكيف تَبطلُ صلاتُهم. هـ .

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني