الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم تغيير الضمير في الدعاء في الجنازة لذكورية الميت أو أنوثته

السؤال

في صلاة جنازة فهمنا من الإمام أن المتوفى ذكر، لكن الإمام قال عليها ثم كبر فاحترت هل أدعو لذكر أم أنثى، فأذكر أني دعوت للمتوفى بصيغة الذكر لأني شككت أن الإمام أنثها للجنازة وليس لنوع الميت. فهل إذا جهل المأموم كون الميت ذكرا أم أنثى يدعو بصيغة التذكير؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد اختلف العلماء فيما إذا كان الميت أنثى هل يحول الضمير فيقال: اللهم اغفر لها وارحمها ونحو ذلك أو يقتصر على لفظ الحديث الوارد؟ فرجح الشوكاني رحمه الله أنه يقتصر على الألفاظ الواردة في الحديث.

قال رحمه الله: والظاهر أنه يدعو بهذه الألفاظ الواردة في هذه الأحاديث سواء كان الميت ذكرا أو أنثى ولا يحول الضمائر المذكورة إلى صيغة التأنيث إذا كان الميت أنثى لأن مرجعها الميت وهو يقال على الذكر والأنثى. انتهى.

ولعل الراجح إن شاء الله أنه يحول الضمائر فيدعو للأنثى بصيغة الضمير المؤنث، وإن ذكر الضمير جاز على تأويل الشخص أو الميت.

جاء في حاشية إعانة الطالبين: ( قوله ويجوز تذكيرها ) أي الضمائر في الأنثى ( وقوله بإرادة الميت أو الشخص ) يعني أنه إذا ذكر الضمير وكان الميت أنثى جاز ذلك بتأويلها بالشخص أو بالميت. انتهى.

وقد فصل الشيخ العثيمين القول في هذه المسألة وبين أنه إذا جهل كون الميت ذكرا أو أنثى فإنه يخير فإن شاء ذكر الضمير على تأويل الشخص وإن شاء أنثه على تأويل الجنازة، ونحن ننقل كلامه بطوله من الشرح الممتع للفائدة.

قال رحمه الله: وقوله: «اللهم اغفر له» الضمير للمفرد المذكر، فإذا كان الميت أنثى، فهل نقول: اللهم اغفر له، أو نقول: اللهم اغفر لها بالتأنيث؟ الجواب: بالتأنيث؛ لأن ضمير الأنثى يكون مؤنثاً، فنقول: اللهم اغفر لها وارحمها، وعافها، واعف عنها..... إلى آخر الدعاء. فإن قيل: الحديث ورد بالتذكير فكيف نؤنث الضمير إذا كان الميت أنثى؟ فالجواب: أن هذا الحديث ورد في الدعاء لميت ذكر، ولو أن الرسول صلّى الله عليه وسلّم قال: إذا صليتم على الميت فقولوا: اللهم اغفر له... إلخ لتوجه عدم التأنيث، فنأخذ بالنص ونؤوله على ما يناسب الحال. وإن كان المقدم اثنين تقول: اللهم اغفر لهما... وإن كانوا جماعة تقول: اللهم اغفر لهم. وإن كن جماعة إناث تقول: اللهم اغفر لهن. وإن كانوا من الذكور والإناث، فيغلب جانب الذكورية، فتقول: اللهم اغفر لهم، فالضمير يكون على حسب من يدعى له. ونظير هذا من بعض الوجوه حديث ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ في دعاء الغمّ: اللهم إني عبدك ابن عبدك ابن أمتك. والمرأة تقول: اللهم إني أمتك بنت عبدك بنت أمتك..... وإن كان الإنسان لا يدري هل المقدم ذكر أو أنثى، فهل يؤنِّث الضمير أو يذكِّرُه؟.الجواب: يجوز هذا وهذا، باعتبار القصد، فإن قلت: اللهم اغفر له، أي: لهذا الشخص، أو للميت، وإن قلت: اللهم اغفر لها، أي: لهذه الجنازة. انتهى.

وبه تعلم أن ما فعلته من الدعاء على الجنازة بصيغة ضمير المذكر حين جهلت كون الميت ذكرا أو أنثى فعل صحيح لا حرج عليك فيه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني