الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

شروط الوصي المتفق عليها والمختلف فيها

السؤال

أنا عندي مشكلة، علي دين لفيزا في البنك بـ 3000 جنيه وأنا لا يوجد معي مال لكي أسد الفيزا وأقفلها تماما وأنا على وشك الولادة، ولي ميراث في بيت والدتي لكن هو بيت عائلة. فهل من الممكن أن أوصي إذا توفاني الله سبحانه وتعالى أن يقضوا ديني من نصيبي في البيت وعلى من تجوز الوصية، يعني أنا أصلا متزوجة فهل أوصي زوجي بأن يقضي عني ديني، أم أوصي أخواتي أن يقضوا عني ديني، وأنا أخشى بعد وفاتي أن يتكاسلوا عن قضاء ديني وتظل روحي معلقة. فأفيدوني ماذا أفعل لقضاء ديني قبل أن أدخل الولادة وأنالا أريد كل يوم يضاف علي ربا وأنا لا أملك أن أسد ديوني وأندم أني فعلت الفيزا؟ ولكم جزيل الشكر.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد

فقبل الجواب عما سألت عنه نريد أولاً أن ننبهك إلى أن الفيزا لا يجوز استصدارها من البنك إلا إذا كانت سالمة من الربا، وراجعي الفتوى رقم: 2834، فالواجب أن تتوبي إلى الله مما أقدمت عليه من استصدار بطاقة ربوية.

وفي خصوص ما سألت عنه فالواجب عليك إذا كنت لا تستطيعين قضاء الدين الذي عليك أن توصي بإخراجه من تركتك؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: ما حق امرئ مسلم له شيء يوصي فيه يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده. متفق عليه.

جاء في فتح الباري: إن الوصية غير واجبة لعينها، وإن الواجب لعينه الخروج من الحقوق الواجبة للغير سواء كانت بتنجيز أو وصية، ومحل وجوب الوصية إنما هو فيما إذا كان عاجزاً عن تنجيز ما عليه وكان لم يعلم بذلك غيره ممن يثبت الحق بشهادته.

وقال النووي في شرحه على الحديث: إن كان على الإنسان دين أو حق أو عنده وديعة ونحوها لزمه الإيصاء بذلك. وانظري للمزيد من الفائدة الفتوى رقم: 29972.

ولك أن توصي بذلك من شئت من زوجك أو إخوانك أو غيرهم، ما دامت شروط الوصي متحققة فيهم. وهذه الشروط بعضها اتفق الفقهاء عليه وبعضها اختلفوا فيه، أما الشروط التي اتفقوا على اشتراطها فهي:

1- العقل والتمييز...

2- الإسلام....

3- قدرة الموصى إليه على القيام بما أوصى إليه فيه، وحسن التصرف فيه، فإن كان عاجزاً عن القيام بذلك، لمرض أو كبر سن أو نحو ذلك، فلا يصح الإيصاء إليه، لأنه لا مصلحة ترجى من الإيصاء إلى من كان هذا حاله.

وأما الشروط التي اختلفوا فيها فهي:

1- البلوغ فهو شرط من الموصى إليه عند المالكية والشافعية وهو الصحيح عند الحنابلة. وقال الحنفية: بلوغ الموصى إليه ليس شرطاً في صحة الإيصاء إليه، بل الشرط عندهم هو التمييز.

2- العدالة، والمراد بها: الاستقامة في الدين، وتتحقق بأداء الواجبات الدينية، وعدم ارتكاب كبيرة من الكبائر، كالزنى وشرب الخمر وما أشبه ذلك فقد ذهب الشافعية وهو رواية عن الإمام أحمد إلى أن الوصية إلى غير العدل -وهو الفاسق- لا تصح، لأن الوصاية ولاية وائتمان ولا ولاية ولا ائتمان للفاسق، وقال الحنفية: العدالة ليست بشرط في الموصى إليه، فيصح عندهم الإيصاء للفاسق متى كان يحسن التصرف، ولا يخشى منه الخيانة، ويوافق الحنفية في ذلك المالكية، حيث إنهم قالوا: المراد بالعدالة التي هي شرط في الوصي: الأمانة والرضى فيما يشرع فيه ويفعله، بأن يكون حسن التصرف، حافظاً لمال الصبي، ويتصرف فيه بالمصلحة، وقد روى عن أحمد ما يدل على أن الوصية إلى الفاسق صحيحة، فإنه قال في رواية ابن منصور: إذا كان (يعني الوصي) متهما لم تخرج من يده. وهذا يدل على صحة الوصية إليه، ويضم الحاكم إليه أميناً.

أما الذكورة فإنها ليست بشرط في الوصي، فيصح الإيصاء إلى المرأة باتفاق الفقهاء. انتهى. مع الحذف من الموسوعة الفقهية الكويتية.

ومما ذكر يتبين لك أنه لا يكفيك الإيصاء لمن ذكرت إذا كنت تخشين أن يتكاسلوا عن تنفيذ الوصية، وعموماً ننصحك بأن تتحري في الإيصاء من ترينة أكثر قوة وحزماً وأمانة واهتماماً بهذا الأمر، ونوصيك بالاجتهاد في قضاء الدين بقدر طاقتك.

ونسأل الله سبحانه أن ييسر ولادتك، ويعينك على قضاء دينك في حياتك.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني