الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم مقولة سأذهب لأتحمد أو لأتشكر لفلان بالسلامة

السؤال

ما حكم قول أحدهم ـ بعد شفاء مريض من مرضه ـ سأذهب إلى فلان لأتحمّدَ له بالسلامة أو لأتشكّرَ له بالسلامة؟ علما بأنني أمتنع عن قولها خوفا من وقوعي في الكفر ـ والحمد للَّـه وحده ـ وذات يوم خرجت مني هذه الكلمة وأحسست بنفسي وأنا أقولها، ولكنني لم أملك القدرة على وقف لساني قبل إتمامها، وأحسست أنّ حروفها تخرج من فمي دون إرادة مني للكفر، وبعدها مباشرة جاءتني أفكار بأنني تماديت وقصّرت في التوقف عن تكملة الكلمة وأنني أردت قول هذه الكلمة، خصوصا وأنني أحسست بنفسي وأنا أقولها ثم فكرت في الكلمة لعلها لا تكون كفرا، فأنا أسأل الآن: هل ما حصل معي يُخرجني من ملة الإسلام؟ وهل هذه الكلمة تؤدي ـ فعلا بصاحبها ـ إلى الكفر؟.
أرجو إجابتي سريعا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالمعنى الواضح من خلال المناسبة وسياق السؤال: أن قول القائل لأتحمد له بالسلامة معناه: أن تقول له: الحمد لله على سلامتك، وكذا المقصود بشكرك له، وهذا من الأمور الجائزة، فالحمد: هو الثناء باللسان على الجميل الاختياري ـ نعمة كان أو غيرها ـ يقال: حمدت الرجل على إنعامه وحمدته على شجاعته.

وأما الشكر: فعلى النعمة خاصة، ويكون بالقلب واللسان والجوارح، كما في كتب اللغة وشروح العلماء لمقدمات الكتب.

فما ذكرته ـ في كلامك ـ ليس فيه كفر أو شرك، والمناسب في عيادة المريض هو ذكر الحمد بالمعنيين السابقين.

وقد أحسنت في السؤال حتى لا تستبد بك الظنون والوساوس ويهول الشيطان عليك الأمر ليقنطك أو يحزنك.

ولمزيد من تأكيد سلامة كلامك نبين لك أنه قد وردت نصوص تبين ضرورة شكر الناس، ومن ذلك:

قوله تعالى: وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ {لقمان: 14}.

فأمر الله سبحانه الولد أن يشكر ربه ويشكر والديه، فدل ذلك على مشروعية شكر الله سبحانه، وشكر المحسن من الناس.

وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من لا يشكر الناس لا يشكر الله.

رواه أحمد وأبو داود والترمذي وقال: حديث حسن صحيح، وصححه الألباني.

وعن النعمان بن بشير قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: من لم يشكر القليل لم يشكر الكثير، ومن لم يشكر الناس لم يشكر الله، التحدث بنعمة الله شكر وتركها كفر.

رواه أحمد، وحسنه الألباني.

ولمعرفة معاني هذه الأحاديث وكلام العلماء عليها، راجع الفتوى رقم: 34287.

وأما الحمد والشكر اللذان لا يجوز صرفهما إلا لله فهما: الحمد المطلق والشكر المطلق، وأما حمد الناس أو شكرهم فهو على ما يسره الله على أيديهم في أشياء خاصة فهو من المشروع، كما سبق.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني