الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الأمانة ترد إلى المسلم والكافر

السؤال

كان لي صديق مسيحي استعرت منه كتابا لأقراه ثم إنني لما وجدته يتطاول على الإسلام ولا يعين على الطاعة قطعت علاقتي به تماما، ثم بعد فتره تذكرت الكتاب الذي أخذته منه وأنا لا أعلم طريقة لأرده له. فماذا أفعل وهل يعد هذا دينا معلقا برقبتي؟أرجو الإجابة رحمكم الله.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فبداية ننبه السائل الكريم على أن مصادقة غير المسلم من المخالفات الشرعية؛ فقد أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم أن نتحرى في اختيار الصحبة، ونهانا صلى الله عليه وسلم عن مصاحبة غير المؤمنين ومخالطة غير المتقين، فقال صلى الله عليه وسلم: المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل. وقال أيضاً صلى الله عليه وسلم: لا تصاحب إلا مؤمناً، ولا يأكل طعامك إلا تقي. رواهما أحمد وأبو داود والترمذي، وحسنهما الألباني.

أما بالنسبة لهذا الكتاب المستعار فإنه بالفعل أمانة عندك، وقد قال تعالى: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا. {النساء: 58}. فيجب أن ترده لصاحبه، وأن تبذل في ذلك كل ما تستطيع، حتى ولو كان صاحبه كافرا، فقد استعار النبي صلى الله عليه وسلم من صفوان بن أمية وهو كافر أدراعا، فقال له: أغصبا يا محمد؟ فقال: بل عارية مضمونة. فضاع بعضها فعرض عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يضمنها له، فقال: أنا اليوم يا رسول الله في الإسلام أرغب. رواه أحمد وأبو داود، وصححه الألباني. وقال صلى الله عليه وسلم في الخطبة عام حجة الوداع: العارية مؤداة. رواه الترمذي وأبو داود وابن ماجه، وصححه الألباني. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: على اليد ما أخذت حتى تؤديه. رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه والترمذي وقال: هذا حديث حسن صحيح. وصححه الحاكم ولم يتعقبه الذهبي.

ولذلك يجب على السائل أن يحفظ هذا الكتاب عنده كما يحفظ ماله، ويبحث عن صاحبه بأي سبيل تيسر، فإن وجده رده إليه، وإن لم يجده يكون قد أعذر نفسه إلى الله، ويبقى الكتاب عنده أمانة، ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها، فإن يئس من العثور على صاحبه، فليضعه في مكتبة عامة أو يدفعه إلى فقير يحتاجه ونحو ذلك، وذلك أن حكم هذا الكتاب عند اليأس من صاحبه حكم المال الضائع، يرد إلى بيت المال إن كان منضبطا، أو يصرف في مصالح المسلمين نيابة عن بيت المال.

قال ابن حجر الهيتمي في (التحفة): ما ألقاه نحو ريح أو هارب لا يعرفه بنحو حجره أو داره، وودائع مات عنها مورثه ولا تعرف ملاكها، مال ضائع لا لقطة.. أمره للإمام فيحفظه أو ثمنه إن رأى بيعه أو يقترضه لبيت المال إلى ظهور مالكه إن توقعه، وإلا صرفه لمصارف بيت المال، وحيث لا حاكم أو كان جائرا فعل من هو بيده فيه ذلك. اهـ. وراجع في ذلك الفتوى رقم: 95389.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني