الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

جواب شبهة حول خلق الله تعالى للماء والتراب والنار

السؤال

في رد على بسبب في الميثولوجيا الدينية, لم يذكر أن الله كان موجودا قبل المادة, فكان عرشه على الماء في الرواية الإسلامية, وكان روح الله يرفرف فوق الماء, حسب الرواية اليهومسيحية. آدم خلق من تراب, الجن من نار, الملائكة من نور. تعامل الله كان مع المواد, ولا يذكر في أي نص أن الله خلق الماء أو خلق التراب أو خلق النار. وحتى آيات مثل ( وخلقنا من الماء كل شيء حي ) تأتي بمعنى الجعل, أي تحويل المادة من صورة إلى أخرى ( الطين في هذه الحالة ). ولا يوجد لدي رد.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فنصوص القرآن والسنة واضحة وصريحة في أن الله خلق كل شيء. قال سبحانه: وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ * ذَلِكُمُ اللّهُ رَبُّكُمْ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ. {الأنعام:101، 102}، وقال تعالى: وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا. {الفرقان:2}، وقال: اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ. [الزمر:62].

وكان من دعائه صلى الله عليه وسلم: اللهم أنت الأول فليس قبلك شيء. رواه مسلم.

وقال عليه الصلاة والسلام: كان الله ولم يكن شيء غيره وكان عرشه على الماء وكتب في الذكر كل شيء وخلق السموات والأرض ... رواه البخاري.

قال الحافظ ابن حجر: وَفِيهِ دَلَالَة عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ شَيْء غَيْره لَا الْمَاء وَلَا الْعَرْش وَلَا غَيْرهمَا, لِأَنَّ كُلّ ذَلِكَ غَيْر اللَّه تَعَالَى وَيَكُونُ قَبْلَهُ " وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ " مَعْنَاهُ أَنَّهُ خَلَقَ الْمَاء سَابِقًا ثُمَّ خَلَقَ الْعَرْش عَلَى الْمَاء..."

"... وَقَالَ الْكَرْمَانِيُّ قَوْله: ( وَكَانَ عَرْشه عَلَى الْمَاء ) مَعْطُوف عَلَى قَوْله (كَانَ اللَّه) وَلَا يَلْزَم مِنْهُ الْمَعِيَّة إِذْ اللَّازِم مِنْ الْوَاو الْعَاطِفَة الِاجْتِمَاع فِي أَصْل الثُّبُوت وَإِنْ كَانَ هُنَاكَ تَقْدِيم وَتَأْخِير. قَالَ غَيْره: وَمِنْ ثَمَّ جَاءَ شَيْء غَيْره وَمِنْ ثَمَّ جَاءَ قَوْله ( وَلَمْ يَكُنْ شَيْء غَيْره ) لِنَفْيِ تَوَهُّم الْمَعِيَّة. فتح الباري.

وعلى ذلك فالماء والتراب والنار وغيرها داخلة بلا شك في تلك النصوص.

أما الآية المشار إليها في السؤال فنصها الصحيح هو: وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ. {الأنبياء:30}

قال الشنقيطي: "الظاهر أن "جَعل" هنا بمعنى خَلَق؛ لأنها متعدية لمفعول واحد. ويدل لذلك قوله تعالى في سورة "النور" : {وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ} .أضواء البيان

وعلى ذلك فالجعل هنا بمعنى الخلق وليس العكس.

والخلاصة أن ما ورد في السؤال لا يدل على أزلية العناصر المذكورة، وإنما هو بيان ووصف لبدء الخليقة.

وانظر في بعض النصوص الدالة على خلق الله تعالى للأرض وما فيها من تراب وماء والسماء وما فيها من أفلاك الفتوى رقم: 20193.

وانظر في البرهان على أن الله هو الخالق الفتوى رقم:52377، وانظر أيضا الفتوى رقم:129204

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني