الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

صلة الخالة واجبة وإن قطعت بنت أختها

السؤال

أود الاستفسار من حضراتكم عن الخلافات العائلية بيني وبين خالتي. حدث سوء تفاهم بيني وبين خالتي، وبعد فترة حاولت الاتصال بها حتى أوضح لها وجهة نظري مع الاعتذار، ولكن تعذر الاتصال على الهاتف الأرضي فاتصلت بابنها مرتين وسألت عليها، وانتظرت أنها تتصل حتى أطمئن عليها، فلم تتصل، فاتصلت بزوجها مرتين وطلبت منه أن يقدم لها اعتذارا بالنيابة عني، وذلك حرصا مني على صلة الرحم، وحتى أن لا تظن أني أغضبتها بكلامي، وأيضا طلبت أنا من والدتي أن تتصل بها على الهاتف الأرضي وردت بنت خالتي على أمى وقالت أمى لها لما أمك تصحو أخبريها تتصل بي، وأيضا لم تتصل بنا، وبصراحة نحن قلنا كفاية مكالمات لها بعد ما تأكدت من زوجها أنه أعلمها أننى ووالدتى نتصل بها وهى تقول له نفسيتى تعبانة لا أريد أكلم أحدا، ونحن عزمنا على أن لا نتصل بها مرة اخرى؛ لأن سبب غضبها خارج عن إرادتنا، لأنها طلبت أن تستلف مبلغ 5 آلاف جنيه والذى كان معنا هو مبلغ 2000 ج فقط. ووقت ما جهزنا لها المبلغ قالت إننا تأخرنا عليها.
والسؤال هل علي وزر بعد ما عزمت أنني لن أتصل بها مرة أخرى؟ والله يعلم أنني كنت أحاول الصلح بيننا مرضاة لوجه الله، مع تحفظي أننى إذا رأيتها أو سمعت عنها أي شيء غير طيب سوف أتصل بها وأكلمها. وبارك الله لكم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد أمر الله بصلة الرحم ونهى عن قطعها، فعن جبير بن مطعم أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ : لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ قَاطِعٌ. متفق عليه.

وقد جعل الشرع للخالة منزلة خاصة في البر والصلة ، فقد قال عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الخالة بمنزلة الأم. متفق عليه.

ولمَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَاللَّفْظُ لَهُ وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَجُلٌ فَقَالَ إنِّي أَذْنَبْت ذَنْبًا عَظِيمًا فَهَلْ لِي مِنْ تَوْبَةٍ ؟ فَقَالَ هَلْ لَك مِنْ أُمٍّ، وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ حِبَّانَ وَالْحَاكِمِ هَلْ لَك وَالِدَانِ ؟ قَالَ لا . قَالَ فَهَلْ لَك مِنْ خَالَةٍ ؟ قَالَ نَعَمْ . قَالَ فَبِرَّهَا.

فلا يجوز لك مقاطعة خالتك لمجرد خلاف حصل بينكما ، والواجب عليك صلتها ما لم يكن عليك ضرر في دينك أو دنياك.

و قد أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم بصلة الرحم حتى لمن يقطعها ، فعَنْ عبد الله بن عمرو عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: لَيْسَ الْوَاصِلُ بِالْمُكَافِئِ، وَلَكِنْ الْوَاصِلُ الَّذِي إِذَا قُطِعَتْ رَحِمُهُ وَصَلَهَا. رواه البخاري.

واعلم أنّ مقابلة السيئة بالحسنة مما يجلب المودة ويقي شر نزغات الشيطان، قال تعالى: وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ. { فصلت:34}

كما أنّ صلة الرحم من أسباب البركة في الرزق والعمر ، فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ أَوْ يُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ. متفق عليه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني