الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

من طاله ضرر بطريق التسبب لا بطريق المباشرة

السؤال

رجل شهدوا عليه زورا فأدخل السجن، فأصاب أهله فقر وبلاء فزعم رجل عندنا من العامة أن من شرط التحلل من هذه المظلمة استغفار أهل المظلوم زيادة على المظلوم نفسه فاستشكلت هذا الكلام وقلت يكفي استسماح المظلوم نفسه وما أصاب أهله فبقدر الله ولا يسأل عنه هذا الظالم. فتجادلنا أفتونا مأجورين؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلم نجد من أهل العلم من نص على هذه المسألة، والذي يظهر لنا -والله أعلم- أن الظالم إنما يطالب باستحلال من باشره بالظلم، وأما من طاله ضرر أو أذى بطريق التسبب لا بطريق المباشرة فهو فرع تابع للأصل. ويمكن هنا أن تذكر القاعدة المشهورة: (إذا اجتمع التسبب والمباشرة اعتبرت المباشرة دونه).

ثم لا يخفى أن تتبع من تأذوا بالظلم أمر لا ينحصر، كما أن صور الأذى نفسها لا تنحصر، وفي المثال المذكور في السؤال فإن هذا الذي سجن ظلماً قد يعود سجنه بالضرر البالغ على غير أهله ممن كانوا يعاملونه، ومن ناحية أخرى لو افترضنا أن أهله لم يتضرروا مالياً فهذا لا ينفي تضررهم الكبير من نواحي أخرى متعددة.

ومما يبين ذلك أنه لو قطع رجل ثري مليء مستغن يد رجل فقير يعمل بيده وهو عائل أسرته، فإنه لا يجب عليه إلا حق المقطوع في القصاص أو الدية، وأما أسرته فلا يجب عليه شيء نحوهم ولو كانوا متضررين بإعاقة عائلهم.

ثم ننبه على أن هذا لا يتعارض مع كوننا نقر بتفاوت درجات الظلم بحسب ما يترتب عليه من ضرر، فقد يجني المرء جناية واحدة على شخصين مختلفين، ويكون إثمه في شأن أحدهما أعظم من إثمه في شأن الآخر لكون الضرر المترتب في حقه أقل وأيسر.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني