الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حلف بالطلاق على أمر ففعله ناسيا

السؤال

ما حكم الطلاق في مثل هذه الحالة؟ قلت علي الطلاق ما أرد على زوجتي إذا اتصلت علي ـ وعندما اتصلت رددت عليها وقد نسيت تماماً ولم أتذكر ما قلته إلا في اليوم الآخر، علما بأن زوجتي ما زالت بكراً ولم أدخل بها فقد ملكت عليها من شهور وزواجنا بعد شهر من الآن، وقد قلت هذا اللفظ ولم أنو به تطليقها نهائياً فأنا أحبها حباً عظيماً، وإنما لأمنع نفسي من أن أرد عليها، ورددت على اتصالها والله يشهد أنني نسيت الطلاق الذي ذكرته.
أرجو الإجابة على هذا السؤال إجابة وافية شافية فقد أشغل بالي هذا الأمر وأقض مضجعي وأسهر عيوني فأريحوني أراحكم الله وأسعدكم دنيا وآخرة.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالجمهور على أنّ الحلف بالطلاق يقع به الطلاق إذا وقع المحلوف عليه، خلافاً لشيخ الإسلام ابن تيمية الذي يرى أنّ حكم الحلف بالطلاق الذي لا يقصد به تعليق الطلاق وإنما يراد به التهديد أو التأكيد على أمر حكم اليمين، فإذا وقع المحلوف عليه لزم الحالف كفارة يمين ولا يقع به طلاق، وانظر الفتوى رقم: 11592.

وإذا فعل الحالف المحلوف عليه ناسيا فقد اختلف العلماء في وقوع يمينه حينئذ، والذي نراه راجحا ـ والله أعلم ـ عدم وقوع الطلاق في هذه الحال، وهو ظاهر مذهب الشافعي ورواية عن أحمد واختيار ابن تيمية وابن القيم وغيرهم، قال النووي ـ الشافعي: فإذا وجد القول أو الفعل المحلوف عليه على وجه الإكراه أو النسيان أو الجهل ـ سواء كان الحلف بالله تعالى أو بالطلاق ـ فهل يحنث؟ قولان: أظهرهما لا يحنث.

وقال البهوتي ـ الحنبلي: فمن حلف على زوجته أو نحوها لا تدخل دارا فدخلتها مكرهة لم يحنث مطلقا، وإن دخلتها جاهلة أو ناسية فعلى التفصيل السابق فلا يحنث في غير طلاق وعتاق، وفيهما الروايتان.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: قَدْ يَفْعَلُ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ نَاسِيًا، أَوْ مُتَأَوِّلًا، أَوْ يَكُونُ قَدْ امْتَنَعَ لِسَبَبٍ، وَزَالَ ذَلِكَ السَّبَبُ، أَوْ حَلَفَ يَعْتَقِدُهُ بِصِفَةٍ فَتَبَيَّنَ بِخِلَافِهَا، فَهَذِهِ الْأَقْسَامُ لَا يَقَعُ بِهَا الطَّلَاقُ عَلَى الْأَقْوَى.

وعلى هذا القول فإنك إذا كنت قد رددت على زوجتك ناسيا للحلف فلا شيء عليك، وننبّهك إلى أنّ الحلف بالطلاق منهي عنه، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: من كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت. رواه البخاري.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني