الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

أرجو أن تفيدوني بأسرع وقت وبتفصيل كثير حتى أستطيع أن أهتدي لكي أستوفي مناسك الحج كاملة وصحيحة، لأنني حاولت القراءة من كتيبات ولكني وجدت صعوبة في فهم التفاصيل فأنا لا أعرف شيئا عن مناسك الحج، أخشى أن تأتيني الدورة وأنا في طريقي للحج أو وقت الطواف أو يوم عرفة. فكيف لي أن أعرف بكل حالة ما علي فعله إذا أتاني الحيض؟ وهل ممكن أن آخذ دواء لتأخير الدورة؟ أرجو الإجابة عن أسئلتي مع شرح لأبسط التفاصيل فأنا لا أعرف ما علي فعله من اليوم الذي سأسافر به من سورية إلى المملكة العربية السعودية؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فشرح مناسك الحج مفصلة أمر يطول جدا، وفي موقعنا فتاوى كثيرة تتناول أحكام الحج يمكنك الدخول إليها بواسطة العرض الموضوعي، ولكننا نقول باختصار: إن الواجب عليك إذا وصلت إلى الميقات أن تحرمي والإحرام معناه نية الدخول في النسك، فإن أردت التمتع بالعمرة إلى الحج وهو أفضل الأنساك فأحرمي بعمرة، ويسن لك أن تغتسلي وتصلي ركعتين قبل الإحرام، ثم تحرمين وتلبين بالعمرة قائلة: لبيك اللهم عمرة، وتكثرين من التلبية وتخفضين صوتك بحضرة الرجال الأجانب، فإذا أتيت مكة طفت بالبيت سبعة أشواط وسعيت بين الصفا والمروة سبعة أشواط تبتدئين بالصفا وتنتهين عند المروة، ثم تقصرين من شعرك وتبقين حلالا حتى يكون يوم التروية، فتحرمين بالحج ثم تتوجهين إلى منى استحبابا فتبقين بها تلك الليلة، ثم تتوجهين يوم التاسع إلى عرفة، والوقوف بعرفة هو ركن الحج الأعظم فتقفين بعرفة بعد الزوال حتى تغرب الشمس، فتتوجهين إلى مزدلفة فتبيتين بها، والمبيت بمزدلفة واجب، فتبقين بها إلى ما بعد منتصف الليل ثم إن شئت أن تذهبي منها إلى منى فترمين الجمرة قبل الفجر جاز ذلك، وإن شئت أن تبقي بمزدلفة فتذهبين منها إلى منى قبل طلوع الشمس وترمين الجمرة قبل طلوع الشمس فهذا جائز، وبعد رمي الجمرة تقصرين ثم تذهبين إلى مكة فتطوفين وتسعين، وإن أخرت الطواف عن ذلك اليوم فلا حرج، وتبيتين بمنى ليالي أيام التشريق وجوبا وترمين الجمرات الثلاث أيام التشريق كل جمرة بسبع حصيات.

فإذا أدرت الرجوع إلى بلدك طفت طواف الوداع ثم تنصرفين مباشرة، وعليك إن حججت متمتعة أو قارنة بين الحج والعمرة هدي يذبح يوم النحر تأكلين منه وتتصدقين، ولو وكلت من يقوم بذبح الهدي عنك فلا حرج.

وهذا الذي ذكرناه إجمالا يمكنك مراجعة تفصيله والاطلاع على ما تحتاجين إليه في حجك وعمرتك في كثير من الكتب والمناسك سهلة الأسلوب حسنة العبارة، ومن أمثلها فيما نرى كتاب المنهج لمريد الحج والعمرة للشيخ العلامة محمد بن صالح بن عثيمين رحمه الله، وكتاب التحقيق والإيضاح لكثير من مسائل الحج والعمرة والزيارة للعلامة عبد العزيز بن باز رحمه الله. ثم إذا أشكل عليك أمر معين فعليك بسؤال أهل العلم.

وأما الحيض فليس مانعا من الإحرام ولا من قضاء شيء من المناسك سوى الطواف، فإذا حضت قبل إحرامك فأحرمي، ويسن لك أن تغتسلي كذلك عند الإحرام، وإذا حضت بعد الإحرام بالحج وقبل الطواف فاقضي ما لزمك من المناسك كالوقوف بعرفة وغير ذلك إلا الطواف فانتظري حتى تطهري ثم طوفي بعد ذلك، وإذا أحرمت بالعمرة وأنت حائض أو جاءك الحيض قبل أن تطوفي طواف العمرة فانتظري حتى تطهري ثم طوفي واسعي وتحللي من عمرتك بقص شيء من شعرك، فإن جاء يوم الثامن وأنت لا تزالين حائضا فأحرمي بالحج على العمرة وتصيرين قارنة، فافعلي ما ذكرناه قبل من المناسك إلا الطواف والسعي.

وقد قال البخاري في صحيحه: باب تقضي الحائض المناسك كلها إلا الطواف بالبيت.

قال ابن رجب رحمه الله في شرحه مقصود البخاري: بهذا الباب أن الحيض لا يمنع شيئا من مناسك الحج غير الطواف بالبيت والصلاة عقيبه، وأن ما عدا ذلك من المواقف والذكر والدعاء لا يمنع الحيض شيئا منه فتفعله الحائض كله، فدخل في ذلك الوقوف بعرفة والمزدلفة، ورمي الجمار وذكر الله عز وجل ودعاؤه في هذه المواطن. وكل هذا متفق على جوازه. ولم يدخل في ذلك السعي بين الصفا والمروة لأنه تابع للطواف لا يفعل إلا بعده، ولم تكن عائشة طافت قبل حيضها، فلو كانت قد طافت قبل حيضها لدخل فيه السعي أيضا وهذا كله متفق عليه بين العلماء. انتهى.

وأما إذا حضت بعد طواف الإفاضة فأكملي نسكك، فإذا فرغت فانصرفي وليس عليك شيء ويسقط عنك طواف الوداع في هذه الحال، ويجوز لك أن تأخذي دواء يتأخر به الحيض إذا لم يكن في ذلك ضرر عليك. وما ذكرناه ههنا قد بيناه في فتاوى كثيرة وراجعي الفتاوى التالية أرقامها: 34931، 38164، 141222، 115980، 13783.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني