الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

التفسير الذي لا يعذر أحد بجهالته

السؤال

ذكر ابن عباس ـ رضى الله عنه ـ أن تفسير القرآن أنواع منها مالا يعذر أحد بجهله وغيرها، فماهذه الأنواع؟ وما معناها؟ وما أمثلتها؟ أرجو ذكر المراجع.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد قال الزرقاني في مناهل العرفان: ورد عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ أن التفسير أربعة: حلال وحرام لا يعذر أحد بجهالته، وتفسير تفسره العرب بألسنتها، وتفسير تفسره العلماء، وتفسير لا يعلمه إلا الله. اهـ.

ثم نقل شرح ذلك عن الزركشي فقال: قال الزركشي في البرهان ما ملخصه: هذا تقسيم صحيح فأما الذي تعرفه العرب بألسنتها: فهو ما يرجع إلى لسانهم من اللغة والإعراب، فأما اللغة: فعلى المفسر معرفة معانيها ومسميات أسمائها ولا يلزم ذلك القارئ، وأما الإعراب: فما كان اختلافه محيلا للمعنى وجب على المفسر والقارئ تعلمه ليوصل المفسر إلى معرفة الحكم ويسلم القارئ من اللحن، وإن لم يكن محيلا للمعنى وجب تعلمه على القارئ ليسلم من اللحن ولا يجب على المفسر لوصوله إلى المقصود بدونه.

وأما ما لا يعذر أحد بجهله: فهو ما تبادر إلى الأفهام معرفة معناه من النصوص المتضمنة شرائع الأحكام ودلائل التوحيد وكل لفظ أفاد معنى واحدا جليا يعلم أنه مراد الله تعالى، فهذا القسم لا يلتبس تأويله، إذ كل أحد يدرك معنى التوحيد من قوله تعالى: فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ـ أنه لا شريك له في الألوهية وإن لم يعلم أن لا موضوعة في اللغة للنفي، وإلا موضوعة للإثبات وأن مقتضى هذه الكلمة الحصر، ويعلم كل أحد بالضرورة أن مقتضى: وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ـ ونحوه طلب إيجاب المأمور به وإن لم يعلم أن صيغة افعل للوجوب.

وأما ما لا يعلمه إلا الله تعالى: فهو ما يجري مجرى الغيوب كالآيات التي تذكر فيها الساعة والروح والحروف المقطعة وكل متشابه في القرآن عند أهل الحق، فلا مساغ للاجتهاد في تفسيره ولا طريق إلى ذلك إلا بالتوقيف بنص من القرآن، أو الحديث، أو إجماع الأمة على تأويله.

وأما ما يعلمه العلماء ويرجع إلى اجتهادهم: فهو الذي يغلب عليه إطلاق التأويل وذلك باستنباط الأحكام وبيان المجمل وتخصيص العموم وكل لفظ احتمل معنيين فصاعدا فهو الذي لا يجوز لغير العلماء الاجتهاد فيه اعتمادا على الدلائل والشواهد دون مجرد الرأي. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني