الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم تطويل الخطبة للحاجة

السؤال

لو تكرمتم علينا بالإجابة على هذا السؤال: من المعلوم أن من السنة للخطيب قصر الخطبة وإطالة الصلاة , لكن فيما أعتقد جميع الخطباء يخالفون هذه السنة. فهل هناك مبررات لمخالفة هذه السنة في هذا الزمان؟وما هي هذه المبررات ؟وهل يؤاخذ الخطباء على هذه المخالفة؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلا شك أن السنة تدل على عدم تطويل خطبة الجمعة لغير حاجة.

ففي صحيح مسلم من حديث جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ : كُنْتُ أُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَانَتْ صَلَاتُهُ قَصْدًا وَخُطْبَتُهُ قَصْدًا .. اهـ. أيْ مُتَوَسِّطَةً بَيْن الْقِصَر المخل وَالطُّول الممل.

قال النووي : أَيْ بَيْن الطُّول الظَّاهِر وَالتَّخْفِيف الْمَاحِق. اهـ.

وعند مسلم أيضا من حديث عمار مرفوعا : إِنَّ طُولَ صَلَاةِ الرَّجُلِ وَقِصَرَ خُطْبَتِهِ مَئِنَّةٌ مِنْ فِقْهِهِ فَأَطِيلُوا الصَّلَاةَ وَاقْصُرُوا الْخُطْبَةَ وَإِنَّ مِنْ الْبَيَانِ لسِحْرًا. اهـ

ولكن لا يأثم الإمام إن طول الخطبة لأن تقصيرها أمر مستحب كما صرح به الفقهاء وليس أمرا واجبا يأثم تاركه.

قال ابن قدامة في المفني : وَيُسْتَحَبُّ تَقْصِيرُ الْخُطْبَةِ. اهـ.

بل دلت السنة على جواز تطويلها عند الحاجة إلى ذلك كما في حديث أَبِي زَيْدٍ , عَمْرَو بْنَ أَخْطَبَ رضي الله عنه قَالَ: صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْفَجْرَ وَصَعِدَ الْمِنْبَرَ فَخَطَبَنَا حَتَّى حَضَرَتْ الظُّهْرُ فَنَزَلَ فَصَلَّى، ثُمَّ صَعِدَ الْمِنْبَرَ فَخَطَبَنَا حَتَّى حَضَرَتْ الْعَصْرُ، ثُمَّ نَزَلَ فَصَلَّى ثُمَّ صَعِدَ الْمِنْبَرَ فَخَطَبَنَا حَتَّى غَرَبَتْ الشَّمْسُ فَأَخْبَرَنَا بِمَا كَانَ وَبِمَا هُوَ كَائِنٌ فَأَعْلَمُنَا أَحْفَظُنَا. رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

قال ابن عثيمين رحمه الله : فإذا أطال الإنسان أحياناً لاقتضاء الحال ذلك، فإن هذا لا يخرجه عن كونه فقيهاً؛ وذلك لأن الطول والقصر أمر نسبي، وقد ثبت عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه كان يخطب أحياناً بسورة {ق} , وسورة «ق» مع الترتيل والوقوف على كل آية تستغرق وقتاً طويلاً. اهـ .

وما عليه كثير من الأئمة اليوم من تطويل الخطبة وقصر الصلاة لا شك أنه أمر مخالف للسنة, ولا ندي ما هي مبرراته إلا أن يكون ذلك بسبب قلة الفقه والبلاغة وضعف لغة الخطيب لأنه إذا كان قصر الخطبة يدل على فقه الخطيب فمفهوم المخالفة أن طول الخطبة يدل على قلة فقه الخطيب, فيضطر الواحد منهم إلى سرد الكلام الكثير ليوصل إلى السامع معلومة يستطيع البليغ أن يوصلها في زمن يسير وبكلام موجز فصيح كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل .

فقد قالت عائشة رضي الله عنها : مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْرُدُ سَرْدَكُمْ هَذَا وَلَكِنَّهُ كَانَ يَتَكَلَّمُ بِكَلَامٍ بَيْنَهُ فَصْلٌ يَحْفَظُهُ مَنْ جَلَسَ إِلَيْهِ. رواه أحمد والترمذي, وانظر للفائدة الفتوى رقم: 116514.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني