الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الصحابة.. وميراث فاطمة رضي الله عنها

السؤال

لماذا وقف الصحابة مع عائشة في واقعة الجمل ولم يقفوا مع فاطمة عندما طالبت بميراث الرسول من عند أبي بكر؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإننا ابتداء ننبهك إلى أن الصحابة رضي الله عنهم هم خير طائفة وأكرم جيل في هذه الأمة المباركة، وفضائلهم ومآثرهم ومنزلتهم من الدين معلومة لكل من صحت بصيرته وسلمت فطرته، وهم إذا اختلفوا بينهم في شيء فإنهم يصدرون فيما يذهبون إليه عن اجتهاد وتحر للحق، وحاشاهم أن يأتوا ما يأتون ويذروا ما يذرون لعصبية وهوى.

فإذا علمت هذا وتبين لك أن فاطمة رضي الله عنها حين طالبت أبا بكر بميراثها من النبي صلى الله عليه وسلم كانت مجتهدة متحرية للحق، وكان أبو بكر هو الخليفة وكان أولى بصرف هذا الميراث حيث كان يصرفه النبي صلى الله عليه وسلم في حياته ولم يقصر في ذلك رضي الله عنه، وثبت بالتواتر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا نورث ما تركنا صدقة.

فكان رأي أبي بكر هو الصواب ولم تأل الزهراء رضي الله عنها بل اجتهدت رأيها، وقد استوفينا القول فيما كان بين الزهراء رضي الله عنها والصديق رضي الله عنه في الفتوى رقم: 25073، وانظر أيضا الفتوى رقم: 69951وما أحيل عليه فيها.

فكيف يقال إن الصحابة رضي الله عنهم لم يقفوا مع فاطمة وقد علموا أنها لم تكن مصيبة في اجتهادها، وأن الصواب مع الخليفة، وأنه في ذلك متبع لرسول الله صلى الله عليه وسلم ممتثل لأمره.

بل هذا من مناقبهم رضي الله عنهم فإنهم متى تبين لهم الحق لم يتركوه لاجتهاد أحد ولو كان بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم سيدة نساء العالمين.

وأما وقعة الجمل فقد كانت فتنة خفي فيها وجه الحق على كثير من خيار الصحابة وكبرائهم، فخرجوا في طلب دم أمير المؤمنين عثمان رضي الله عنه يظنون أن المصلحة في ذلك، وخرجت معهم عائشة رضي الله عنها لهذا الغرض، ولم يكن كل الصحابة مع عائشة رضي الله عنها، بل كان كثير منهم مع أمير المؤمنين علي رضي الله عنه، وكثير منهم اعتزل الفتنة ولم يشارك فيها، وراجع لبيان حقيقة ما دار في وقعة الجمل الفتوى رقم: 10605 ورقم: 3227، والحاصل أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا في ذلك مجتهدين، فمن أداه اجتهاده إلى قول فعمل به لم يكن مذموما، بل المصيب منهم له أجران والمخطئ له أجر اجتهاده فرضي الله عنهم جميعا وأرضاهم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني