الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

درجة حديث (كان لنا غلامان من أهل نجران..)

السؤال

يستدل المنصرون بحديث: عبيد الله بن مسلم قال: كان لنا غلامان من أهل نجران اسم أحدهما يسار والآخر جبر وكانا يقرآن كتبا لهما بلسانهما فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمر عليهما ويسمع قراءتهما وكان المشركون يقولون يتعلم منهما فأنزل الله: لسان الذي يلحدون إليه أعجمي الآية ـ لإثبات علم الرسول صلى الله عليه وسلم بإحدى اللغات الأعجمية، والسؤال خاص بصحة الحديث وليس برد الشبهة: فهل هذا الحديث صحيح؟ وهل مداره على حصين بن عبد الرحمن؟ علما بأن ابن حجر في الإصابة قد صححه في ترجمة عبيد بن مسلم الأسدي، فكيف يصح إذا كان في إسناده حصين وقد ضعفوا مروياته التي رواها في كبره؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد ساق الحافظ هذا الحديث في الإصابة وحكم على إسناده بالصحة، وعبارة الحافظ ـ رحمه الله ـ في ترجمة عبيد بن مسلم: عبيد بن مسلم الأسدي قال ابن منده روى حديثه عباد بن العوام عن حصين بن عبدالرحمن عنه وذكره أبو عمر فساق حديثه فقال: قال عباد عن حصين: سمعت عبيد بن مسلم وله صحبة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليس من عبد يطيع الله ورسوله ويطيع سيده إلا كان له أجران ـ وسماه البغوي عبيد الله بالإضافة إلى الاسم العظيم وأخرج حديثه من طريق بن فضيل عن حصين ولفظه عن عبيد الله بن مسلم قال: كان لنا غلامان من أهل نجران اسم أحدهما يسار والآخر جبر وكانا يقرآن كتبا لهما بلسانهما فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمر عليهما ويسمع قراءتهما وكان المشركون يقولون يتعلم منهما، فأنزل الله: لسان الذي يلحدون إليه أعجمي الآية ـ وبهذا الإسناد في فضل العبد إذا نصح لسيده وعبد الله، وسنده صحيح، وسماع حصين منه يدل على تأخر وفاته إلى بعد الثمانين، قال البغوي: قال أبو هشام: يقال إن هذين الحديثين لم يكونا إلا عند محمد بن فضيل كذا قال وقد تابعه عباد بن العوام كما تقدم وإن كان سماه عبيدا بغير إضافة. انتهى.

والإسناد صحيح كما قال الحافظ, وحصين بن عبدالرحمن راويه من رجال الصحيحين وهو من ثقات المحدثين وما قيل إنه اختلط وتغير حفظه بآخرعمره غير متفق عليه بين المحدثين, وهاك بعض ما في ترجمته في تهذيب التهذيب: قال أبو حاتم عن أحمد حصين بن عبدالرحمن الثقة المأمون من كبار أصحاب الحديث ـ وقال بن معين ثقة ـ وقال العجلي ثقة ثبت في الحديث والواسطيون أروى الناس عنه، وقال ابن أبي حاتم سألت أبا زرعة عنه فقال ثقة قلت يحتج بحديثه قال إي والله وقال أبو حاتم صدوق ثقة في الحديث وفي آخر عمره ساء حفظه.

وقال النسائي: تغير، وذكره العقيلي ولم يذكر إلا قول يزيد بن هارون أنه نسي، وقال الحسن يعني وقال ابن عدي له أحاديث وأرجو أنه لا بأس به. انتهى مختصرا.

وقد روى هذا الحديث ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ ومن ثم صححه الوادعي ـ رحمه الله ـ في الصحيح المسند من أسباب النزول، وعبارته بعد ما ساق الحديث من رواية ابن جرير: الحديث رجاله رجال الصحيح إلا المثنى وهو ابن إبراهيم الآملي, فإني لم أجد من ترجم له, لكنه قد تابعه سفيان بن وكيع وفيه كلام، أما هشيم فهو ابن بشير وهو مدلس ولم يصرح بالتحديث، لكنه قد تابعه خالد بن عبدالله وهو الطحان ومحمد بن فضيل ومن ثم قال الحافظ في الإصابة بعد ذكره هذا الحديث, وحديثا بعده بسند هذا الحديث وسنده صحيح. هذا وللحديث شاهد من حديث ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ رواه الحاكم وصححه وعنده: إنما يعلم محمدا عبد ابن الحضرمي وهو صاحب الكتب. الحديث. انتهى.

وبه يتبين لك أن تصحيح الحافظ للحديث لا غبار عليه ـ إن شاء الله.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني