الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم الاتكاء على جدار أو كرسي أثناء الصلاة

السؤال

هل يجوز لي أن أتكئ أثناء الصلاة على الجدار أو الكرسي للحصول على راحة أكثر لظهري أم لا يجوز؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالاستناد في الصلاة المفروضة له حالتان:

الحالة الأولي أن يكون المصلي قد استند إلى شيء بحيث يسقط لو زال المستند عليه. فهذا يبطل الصلاة عند المالكية والحنابلة والحنفية وعلى قول عند الشافعية لأنه لا يسمي قائما، وتصح الصلاة على القول الراجح عند الشافعية.

الحالة الثانية أن يكون الاستناد خفيفا بحيث لا يسقط المصلي إذا أزيل ما استند عليه. فهذا مكروه عند الجمهور والصلاة صحيحة، ومن أهل العلم من قال بجواز الاستناد مطلقا وإليك بعض كلام أهل العلم في المسألة.

جاء في الموسوعة الفقهية: الاتجاه الأول : يرى الحنفية , والمالكية , والحنابلة منعه , وهو قول للشافعية . قالوا : من اعتمد على عصا أو حائط ونحوه بحيث يسقط لو زال العماد , لم تصح صلاته , قالوا : لأن الفريضة من أركانها القيام , ومن استند على الشيء بحيث لو زال من تحته سقط , لا يعتبر قائما . أما إن كان لا يسقط لو زال ما استند إليه , فهو عندهم مكروه , صرح به الحنفية , والمالكية , والحنابلة.

قال الحلبي في شرح المنية: يكره اتفاقا - أي بين أئمة الحنفية - لما فيه من إساءة الأدب وإظهار التجبر . وعلل ابن أبي تغلب - من الحنابلة - للكراهة بكون الاستناد يزيل مشقة القيام.

والاتجاه الثاني : قول الشافعية المقدم لديهم أن صلاة المستند تصح مع الكراهة , قالوا : لأنه يسمى قائما ولو كان بحيث لو أزيل ما اعتمد عليه لسقط .

والاتجاه الثالث : أن استناد القائم في صلاة الفرض جائز . روي ذلك عن أبي سعيد الخدري وأبي ذر رضي الله عنهما وجماعة من الصحابة والسلف. انتهى.

وقال الخرشي المالكي: يعني أن القادر على القيام أو الجلوس مستقلا إذا استند إلى شيء عمدا أو جهلا بحيث

لو أزيل ما استند إليه سقط فإن صلاته تبطل ويجب عليه إعادتها , ومن باب أولى لو سقط بالفعل. انتهى.

وفي أسني المطالب ممزوجا بروض الطالب لزكريا الأنصاري الشافعي: ( فلو استند إلى شيء ) كجدار ( أجزأه ولو تحامل عليه ) وكان بحيث لو رفع السناد لسقط ; لوجود اسم القيام ( وكره ) أي استناده . انتهى.

وفي دقائق أولي النهي ممزوجا بمنتهي الإرادات للبهوتي الحنبلي: ( و ) يكره ( استناده ) إلى نحو جدار ; لأنه يزيل مشقة القيام ( بلا حاجة ) إليه ; لأنه صلى الله عليه وسلم { لما أسن وأخذه اللحم اتخذ عمودا في مصلاه يعتمد عليه}. رواه أبو داود ( فإن سقط ) مستند ( لو أزيل ) ما استند إليه ( لم تصح ) صلاته ; لأنه غير قائم. انتهى.

وبناء على ما تقدم فلا يجوز لك الاستناد على جدار بحيث لو أزيل لحصل السقوط والصلاة باطلة عند الجمهور، أما إن كان الاستناد خفيفا بحيث لا تسقطين إذا أزيل ما استندت إليه فالصلاة صحيحة مع الكراهة.

أما الاستناد على الكرسي فإن كان المقصود منه مجرد الاستناد ـ وهذا لا يتأتى في الكرسي العادي- فالحكم فيه هو على ما ذكر، وإن كان المقصود الجلوس عليه فإن ذلك لا يصح في صلاة الفريضة للقادر على القيام، وراجعي الفتوى رقم: 68473.

أما في صلاة النافلة فيجوز لك الاتكاء على الجدار ونحوه اتفاقا.

جاء في الموسوعة الفقهية: قال النووي: الاتكاء في صلاة النفل جائز على العصي ونحوها باتفاق العلماء انتهى.

ولك أن تصلي النفل قاعدة على الكرسي أو غيره.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني