الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم هبة البيت المرهون للزوجة

السؤال

زوج يريد أن يهب زوجته كامل منزله، أو جزءا منه هبة حقيقية غير مشروطة ليؤمنها بعد وفاته وهو ليس له منها أولاد، وله ورثة: أم وثلاثة أشقاء وشقيقة ـ والزوج والورثة متحابون جدا، والزوجة ابنة خالتهم، والزوج متأكد أن أشقاءه ووالدته لن يخرجوا الزوجة من البيت، أو يبيعوه بعد وفاته، ولكن ليطمئن قلبه، حيث إن البيت يقدر بقيمة كبيرة حاليا ولا يعرف ما يحصل في المستقبل وقد يغير الله عز وجل من حال إلى حال، فهل يحق للورثة المطالبة بالإرث للمنزل بعد وفاته، علما بأن حالتهم المادية جيدة وهم في غير حاجة؟ وهل هبة البيت أو جزء منه للزوجة فيه إضرار للورثة مع عدم حاجتهم مثل الزوجة؟ علما بأن البيت مرهون حاليا للشركة التي يعمل بها الزوج ويسدد أقساطه شهريا للشركة وتسقط هذه الأقساط كليا في حالة الوفاة، وفي حالة جواز هذه الهبة، كيف يوثق عقد الهبة الكاملة، أو الجزئية، وما هي صورته؟ وهل يكتفي بعقد مصدق من مكتب عقاري مع الشهود دون توثيقه بالمحكمة لعدم إمكانية ذلك، لأن البيت مرهون حاليا للشركة وهو باسم الزوج؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فمن حق أي وراث شرعي أن يطالب بنصيبه من التركة، بغض النظر عن حاله وحال غيره من الورثة من حيث الفقر والغنى، أو غير ذلك من موازين الحاجة.

والتركة إن كانت عقارا قابلا للقسمة بين الورثة بحسب أنصبتهم الشرعية قُسِم، وإن لم يكن قابلا لذلك فإما أن يقسم بينهم قسمة المهايأة، أو المراضاة وإلا بيع وقسم ثمنه بينهم، وراجع في ذلك الفتويين رقم: 114454، ورقم: 66593.

وأما مسألة الهبة للزوجة: فلا حرج فيها من حيث الأصل ما دام الزوج أهلا للتصرف، ولم يقصد بذلك حرمان بقية الورثة من نصيبهم، وإنما قصد مراعاة حال الزوجة، أو مكافأتها على جميل سابق، ونحو ذلك من المقاصد المعتبرة، لكن قد اختلف أهل العلم في صحة هبة الزوج لزوجته دار سكناه، وراجع أقوالهم في الفتوى رقم: 114780.

وبذلك يعلم السائل أن هبة بيته أو جزء منه لزوجته عند من يصححه من أهل العلم لا بد فيه من التمليك الحقيقي الناجز لا المعلق بالوفاة والذي يترتب عليه صحة تصرف الموهوب له، ورفع يد الواهب عن ما وهبه، علاوة على ما شرطه الشافعية من خلو البيت من أمتعة غير الموهوب له، فلو صحت الهبة ثم ماتت الزوجة لانتقل الشيء الموهوب إلى ورثتها هي، وليس للزوج منه إلا قدر نصيبه من تركة زوجته.

وما ذكره السائل من رهن هذا البيت، فإنه لا تصح معه هبته إلا بإذن المرتهن، أو قضاء الدين، جاء في الموسوعة الفقهيه: لا خلاف بين الفقهاء من أنه ليس للراهن التصرف في المرهون بعد لزوم العقد بما يزيل الملك كالبيع والهبة إلا بإذن المرتهن.

وهناك حل آخر يحقق للسائل ما يرجوه من ضمان حق السكنى لزوجته بعد موته، وهو هبة منافع البيت دون أصله، وهو ما يعرف بالعمرى، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 75164.

وأما ما يتعلق بالإجراءات الرسمية القانونية لتوثيق أيٍّ من عقدي الهبة، أو العمرى فهذا يُسأل عنه أهل الاختصاص.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني