الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم صلاة العشاء قبل وقتها في المناطق التي يكون الليل فيها قصيرا

السؤال

إخواني العلماء الفضلاء: عندنا في ولاية سياتل واشنطن الأمريكية أقصى وقت يمكن أن يصل إليه وقت صلاة العشاء في الصيف 11:30 بتوقيت أسنا، وعلى هذا معظم إن لم يكن كل مساجد الولاية إلا مسجداً فإنهم يصلون قبل ذلك الوقت بساعة تقريبا 10:30 تقريبا اعتماداً منهم على الفتوى التي أنزلوها على واقعهم بفهمهم والتي تقول إن المناطق التي يتأخر فيها وقت صلاة العشاء يصلون على أقرب وقت معتدل، فيجعلون الوقت بين المغرب والعشاء 90 دقيقة مثل مكة المكرمة. فهل هذا جائز؟ وماذا يترتب على ذلك من إعادة الصلاة إذا تبين عدم صحة وقوعها في وقتها؟ وما هي المسؤولية على من أحضر لهم هذه الفتوى وأقنعهم بها، علما بأن الوقت عندنا يعتبر معتدلا لأن وقت الفجر في الصيف يصل إلى الساعة 4:30 تقريبا، بل إن ولاية ألاسكا تعتبر توقيت ولاية سياتل واشنطن معتدلا وتسير عليه؟ جزاكم الله خيراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فمن المعلوم أن من شرط صحة الصلاة دخول الوقت، ولا يجوز أن تصلى العشاء قبل دخول وقتها، وقولك إنهم يجمعون بناء على الفتوى التي ذكرتها، فإننا نقول: ينبغي النظر فيمن صدرت عنه هذه الفتوى أولاً ثم النظر في مطابقتها لواقعكم ثانياً.. فالذي نعلمه أنه قد أفتى بعض المعاصرين بجواز الجمع بين المغرب والعشاء إذا كان وقت العشاء يتأخر تأخراً يشق معه الانتظار، وليس بأداء العشاء قبل ساعة من دخول وقتها.

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى عن البلاد التي يتأخر فيها وقت العشاء: إن كان الشفق لا يغيب حتى يطلع الفجر، أو يغيب في زمن لا يتسع لصلاة العشاء قبل طلوع الفجر فهؤلاء في حكم من لا وقت للعشاء عندهم، فيقدرون وقته بأقرب البلاد إليهم ممن لهم وقت عشاء معتبر، وقيل يعتبر بوقته في مكة لأنها أم القرى.

وإن كان الشفق يغيب قبل الفجر بوقت طويل يتسع لصلاة العشاء فإنه يلزمهم الانتظار حتى يغيب، إلا أن يشق عليهم الانتظار فحينئذ يجوز لهم جمع العشاء إلى المغرب جمع تقديم دفعاً للحرج والمشقة، لقوله تعالى: يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ. ولقوله تعالى: وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ. وفي صحيح مسلم عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم جمع بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء في المدينة من غير خوف ولا مطر. قالوا: ما أراد إلى ذلك؟ قال: أراد أن لا يحرج أمته. أي لا يلحقها الحرج بترك الجمع. وفق الله الجميع لما فيه الخير والصلاح. انتهى.

وهذا الجمع الذي أشار إليه الشيخ هو عند وجود الحرج، ولا نرى وجود حرج بالنسبة لكم إذ الفرق بين وقت دخول العشاء على ما ذكرت وبين الوقت الذي يصلون فيه ساعة واحدة وأي حرج في انتظار ساعة واحدة، والشيخ نفسه ذكر في الجمع عند الحضر أن تكون المشقة متحققة أو راجحة لا مظنونة، وأنه لا يجمع عند وجود الشك في المشقة، فقد قال رحمه الله تعالى: فمتى يكون الجمع؟ يكون الجمع إذا تيقن المشقة أو ترجح عنده وجود المشقة، أما إذا علم أن لا مشقة أو ترجح عنده أن لا مشقة أو شك فلا يجمع... انتهى.

وانظر الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 130383، 130579، 75413، 18918، 111613.

ومن صلى العشاء عندكم بالصفة التي ذكرتها في السؤال وجب عليه إعادة تلك الصلاة لأنه صلى العشاء قبل وقتها، وذهب بعض أهل العلم إلى سقوط الإعادة عمن ترك شرطاً من شروط الصلاة جهلاً، وراجع الفتوى رقم: 109981.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني