الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم طاعة الوالدين في فراق الزوجة

السؤال

في إطار بحثي عن زوجة صالحة، اقترحت على عائلتي أختا مسلمة ملتزمة، فرفضتها، بل شنت عليها حربا، فانتهت القصة بأن تختار لي أمي زوجة حسب معاييرها الخاصة ومزاجها النفسي، ووافقها أبي على ذلك مع الإشارة أن والدتي أمية لا تقرأ ولا تكتب، أما أبي فهو يقرأ ويكتب وله ثقافة واسعة وخبرة في الحياة مع عصبية شديدة، انتظرت سنين عددا في سجني الوحدة والعزوبة في ديار المهجر حتى جاءت الزوجة التي اختارتها أمي، ووقتها خيرتني أمي بين أن أتزوج هذه الأخت التي اختارتها وبين سخطها عليّ، فسألت أمي هل تعرّفتم على عائلتها؟ فأجابتني نعم، نعمت العائلة، قلت الحمد لله، استخرت الله عز وجل فاطمئن قلبي لهذه الأخت رغم أن أمي كانت خيرتني بين العقد على هذه الأخت وبين سخطها عليّ إذا أنا رفضت، عقدت على هذه الأخت التي اختارتها أمي، فأصبحت زوجتي بطريقة شرعية كخطوة أولية في انتظار اليوم الذي ستكون فيه حفلة الزفاف، وكنا أخرنا يوم حفل الزفاف عدة أشهر حتى تجتمع جميع العائلة في فصل الصيف، وفي هذه المدة شنت أمي حربا ضروسا على هذه الأخت التي اختارتها بنفسها، بل لم تقتصر حربها على الأخت التي هي من زوجتني إياها بصفة شرعية، بل وصلت حتى عائلتها، وقد ساندها أبي مساندة عمياء، وفتحت أبوابا شاسعة لبعض الأشخاص للتشويش على فكر أمي بالغيبة والنميمة لتبادل الأخبار السيئة الكاذبة بين العائلتين، مع الإشارة إلى أنني أعيش في بلد أوروبي، أما عائلتي وعائلة الأخت والأخت فيعيشون في بلد عربي، ولما توترت العلاقة بين العائلتين لم أسافر إلى وطني الأصلي، بل اكتفيت بإرسال تذكرة السفر مع مبلغ مالي لزوجتي الشرعية كي تقوم بحفلة وداع صغيرة لصديقاتها، لأنني رفضت فسخ العقد، لأنه لم تتوفر عندي مبررات الطلاق، فالتحقت زوجتي بي في ديار المهجر، فكانت زوجة صالحة طاهرة متوضئة، أنجبت لي ولدا ذكرا وجهه يضيء حسنا وجمالا ونورا والحمد لله، وعائلتي لا تزال تقاطع زوجتي، أحيانا عندما أتكلم مع أمي هاتفيا أمرر لها زوجتي للحديث معها فتقبل الأمر على مضض، أما والدي فلم يكلم زوجتي، بل قال لي مؤخرا إذا أردت أن تزورنا فزرنا وحدك ولا تكون زوجتك برفقتك، بل أبي دائما يصور لي عائلة زوجتي بمثابة الأعداء الحقيقيين لي، وهذا الذي لم ألمسه ولم أقتنع به، بل لم أفكر فيه أصلا، وعائلتي هي عائلة ميسورة ومع ذلك في أقل من سنة أرسلت لهم أكثر من 3000 دولار كمساعدة، حتى لا تقول عائلتي إنه مباشرة بعد زواجه قد نسي عائلته ولم يعد يرسل المساعدة والهدايا، وإلى حد الساعة والدي لا يزال يقاطع زوجتي وعائلة زوجتي، وأمي كذلك تفعل مثل أبي، واتصالاتي بعائلتي تتم بشكل أسبوعي عبر الهاتف، وكنت زرتهما في منزلهما قبل 5 أشهر وحدي ولم تكن زوجتي برفقتي، وسؤالي: ماذا يقول الشرع في هذه المعاملة؟ مع التأكيد لكم شيخنا المحترم أن أمي وأبي يهددانني دائما أثناء محادثتهما معي بلفظة: سخطهما عليّ ـ في أي نقطة اختلفت معهما فيها، مما يجعلني أساير كلامهما ونصائحهما خوفا من هذا السخط المرتقب الذي لم أفهمه، مع أنني دائما أصلي لهما وأتصدق لصالحهما، فهل من نصائح يا شيخنا فقد أشكل عليّ الأمر، بارك الله فيكم؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنقول لك أولا بارك الله فيك، ووفقك لما يحبه ويرضاه. ونصيحتنا لك أن تدوم على ما أنت عليه من تقدير أبويك وبرهما وتجنب ما يسخطهما بحكمة وعطف وبر ولين دون أن تؤذي زوجتك الصالحة كما وصفتها أوتؤذي أصهارك أوتسيء إليهم بغير حق، ولا يجب عليك أن تطلق زوجتك والحال ما ذكرت، ولو أمرك بذلك أبواك، إذ ليس ذلك من المعروف، والطاعة إنما هي في المعروف، واعلم أنك مأجور على صبرك وتحملك لما تجده منهما من مضايقات، ولعل الله يبارك لك في مالك وزوجك وولدك وعمرك بسبب صلة أبويك ولطفك بهما وخفضك الجناح لهما، ومن البر بهما صلتهما بالمال ولو لم يكونا محتاجين إليه، وينبغي أن تسعى دائما فيما تصلح به بين زوجتك وبين أهلك وإقناعهما بأن زوجتك لاعلاقة لها بما صار أو يصير بينهم وبين أصهارك، لكن لا بد من الحكمة في ذلك وتوخي الأوقات المناسبة لعرض الأمر عليهما ومحاورتهما فيه، ولا سيما وأنها قد صارت أما لحفيدهم، ومهما يكن من أمر فالذي ننصحك به هو أن تظل على برك بأبويك وتجنب ما يسخطهما والمبالغة في مرضاتهما دون أن يخل ذلك بإحسانك إلى زوجتك ومعاشرتها بالمعروف، ولعل الله يفرج همك ويكشف غمك ويزيل ما في نفس أبويك ليلتئم الشمل ويندمل ذلك الجرح.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني