الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

زكاة المال المعد لشراء بيت

السؤال

لدي مبلغ من المال يبلغ النصاب، وحال عليه الحول، ولكن هذا المبلغ هو قيمة بيع شقتي وأسكن بالإيجار، وهذا المال لبناء بيت في مشروع الشباب، وقد سألت شيخ عن زكاة هذا المال فأفتاني أن هذا المبلغ ليس فائضا عن حاجتي وليس عليه زكاة، ولكني سمعت أن هناك خلافا في هذه المسألة، فما هو القول الراجح مع ذكر الدليل مع العلم أنني أحتاج أكثر من هذا المبلغ لبناء وتشطيب شقة واحده لأسكن فيها؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فالمفتى به عندنا هو وجوب الزكاة في المال إذا بلغ نصابا وحال عليه الحول، ولو كان صاحبه محتاجا إليه لبناء منزل أو شراء سيارة ونحو ذلك، لعموم قوله صلى الله عليه وسلم : لَيْسَ عَلَيْكَ شَيْءٌ حَتَّى يَكُونَ لَكَ عِشْرُونَ دِينَارًا, وَحَالَ عَلَيْهَا اَلْحَوْلُ, فَفِيهَا نِصْفُ دِينَارٍ, فَمَا زَادَ فَبِحِسَابِ ذَلِكَ, وَلَيْسَ فِي مَالٍ زَكَاةٌ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ اَلْحَوْلُ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ.

قال الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله تعالى ـ عن الأوراق النقدية إذا توافرت فيها شروط وجوب الزكاة:
تجب فيها الزكاة على كل حال سواء كان يتكسب فيها أو لا يتكسب حتى لو أعدها لشئونه الخاصة من النفقات أو لزواج أو لشراء بيت يسكنه أو ما شابه ذلك فإنه تجب فيه الزكاة بكل حال. اهـ.

ولم نجد من الفقهاء من استثنى المال المعد لشراء بيت ونحوه من الحوائج إلا ما ذكر عن بعض الحنفية من أنهم يستثنونه ولا يوجبون فيه الزكاة، جاء في الموسوعة الفقهية: الشَّرْطُ الرَّابِعُ: الزِّيَادَةُ عَلَى الْحَاجَاتِ الأْصْلِيَّةِ: وَهَذَا الشَّرْطُ يَذْكُرُهُ الْحَنَفِيَّةُ، وَقَدْ جَعَل ابْنُ مَلَكٍ مِنْ هَذَا النَّوْعِ أَنْ يَكُونَ لَدَيْهِ نِصَابُ دَرَاهِمَ أَمْسَكَهَا بِنِيَّةِ صَرْفِهَا إِلَى الْحَاجَةِ الأْصْلِيَّةِ فَلاَ زَكَاةَ فِيهَا إِذَا حَال عَلَيْهَا الْحَوْل عِنْدَهُ، لَكِنِ اعْتَرَضَهُ ابْنُ نُجَيْمٍ فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ بِأَنَّ الزَّكَاةَ تَجِبُ فِي النَّقْدِ كَيْفَمَا أَمْسَكَهُ لِلنَّمَاءِ أَوْ لِلنَّفَقَةِ، وَنَقَلَهُ عَنِ الْمِعْرَاجِ وَالْبَدَائِعِ, وَلَمْ يَذْكُرْ أَيٌّ مِنْ أَصْحَابِ الْمَذَاهِبِ هَذَا الشَّرْطَ مُسْتَقِلًّا. اهـ.

والذي نراه هو وجوب الزكاة في مالك إذا حال عليه الحول وكان بالغا النصاب، لعموم الحديث الذي أشرنا إليه آنفا. وهي جزء يسير: ربع العشر يزيد به مالك بركة، إن شاء الله ـ وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ثَلَاثَةٌ أُقْسِمُ عَلَيْهِنَّ وَأُحَدِّثُكُمْ حَدِيثًا فَاحْفَظُوهُ، قَالَ: مَا نَقَصَ مَالُ عَبْدٍ مِنْ صَدَقَةٍ. رواه أحمد والترمذي.

وانظر الفتويين رقم: 80486 ورقم: 77147

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني