الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

المسافر بغرض التنزه هل يشرع له قصر الصلاة

السؤال

أسكن في القاهرة في مصر، وفي الصيف أقوم أنا ومجموعة من الأصدقاء بالسفر إلى الاسكندرية والتي تبعد حوالي 220 كيلو لقضاء يوم هناك كنوع من الترويح ومشاهدة البحر وما إلى ذلك، والسؤال هنا: هل نقوم بقصر الصلاة ؟ أم إنه لا يجوز ذلك على أساس أن السفر كان لغرض الترفيه وليس لغرض العمل أو خلافه؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالمسافر للترفيه ومشاهدة الأماكن السياحية يكره له قصر الصلاة الرباعية عند المالكية، وقيل يباح كما هو القول الراجح عند الحنابلة، وعند الشافعية يقصر إذا كان المقصود التنزه لا مجرد مشاهدة البلاد والنظر إليها، وعند الإمام أبي حنيفة يشرع القصر للمسافر ولو كان سفره محرما وقد رجح هذا القول شيخ الإسلام ابن تيمية وكثير من أهل العلم، جاء في المغني لابن قدامة: وفي سفر التنزه والتفرج روايتان إحداهما تبيح الترخص وهذا ظاهر كلام الخرقي لأنه سفر مباح فدخل في عموم النصوص المذكورة وقياسا على سفر التجارة، والثانية لا يترخص فيه، قال أحمد: إذا خرج الرجل إلى بعض البلدان تنزها وتلذذا وليس في طلب حديث ولا حج ولا عمرة ولا تجارة فإنه لا يقصر الصلاة، لأنه إنما شرع إعانة على تحصيل المصلحة ولا مصلحة في هذا، والأول أولى. انتهى.

وجاء في منح الجليل لمحمد عليش المالكي: فاللاهي به كالمسافر لمجرد التسلي لا يسن له القصر، بل يكره، وقيل يباح فإن قصر فلا يعيد. انتهى.

وفي الشرح الممتع للشيخ ابن عثيمين: وذهب الإِمام أبو حنيفة وشيخ الإِسلام ابن تيمية وجماعة كثيرة من العلماء إلى أنه لا يشترط الإِباحة لجواز القصر وأن الإِنسان يجوز أن يقصر حتى في السفر المحرم، وقالوا: إن هذا ليس برخصة فإن صلاته الركعتين في السفر، ليست تحويلاً من الأربع إلى الركعتين، بل هي من الأصل ركعتان، والرخصة هو التحويل من الأثقل إلى الأخف، أما صلاة المسافر فهي مفروضة من أول الأمر ركعتان، وعلى هذا فيجوز للمسافر سفراً محرماً أن يصلِّي ركعتين، ولا يشترط على هذا الرأي إباحة السفر، وهذا القول قول قوي، لأن تعليله ظاهر، فالقصر منوط بالسفر على أن الركعتين هما الفرض فيه، لا على أن الصلاة حوّلت من أربع إلى ركعتين، كما ثبت ذلك في صحيح البخاري وغيره عن عائشة ـ رضي الله عنها: أن أول ما فرضت الصلاة ركعتين، ثم هاجر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فزيد في صلاة الحضر وأقرت صلاة السفر على ركعتين ـ وحينئذ تبين أن الركعتين في السفر عزيمة لا رخصة وعليه فلا فرق بين السفر المحرم والسفر المباح. انتهى.

وراجع مذاهب أهل العلم في الفتوى رقم: 131327.

وقد علمت من جميع ما سبق ومن الفتوى المحال عليها مذاهب أهل العلم في المسألة، وعرفت الأحوط منها والأقرب إلى الدليل.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني