الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

إتيان الزوجة في دبرها

السؤال

قرأت في كثير من الكتب منها فتح الباري في تفسير قول الله تعالى: نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم. أن العلماء على اختلاف في الحكم على من أتى زوجته من دبرها، فمنهم من قال: حرام، ومنهم من قال، مكروه، ومنهم من قال: جائز. وكل منهم له أدلته على الحكم في ذلك. والسؤال:
هل جماع الرجل لزوجته من الدبر يجوز؟ وإذا كان لا يجوز فهل المحرم فيه هو الإنزال في الدبر بحيث إنه إذا تم بدون إنزال يكون حلالا أم حراما؟ وهل رفض الزوجة لطلب زوجها هذا يعتبر عدم طاعة له؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فجماع الزوجة في دبرها محرم باتفاق من يعتد بهم من أهل العلم . جاء في شرح النووي لصحيح مسلم : واتفق العلماء الذين يعتد بهم على تحريم وطء المرأة في دبرها حائضا كانت أو طاهرا. انتهى

وجاء في مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية: وسئل رحمه الله تعالى عما يجب على من وطئ زوجته في دبرها وهل أباحه أحد من العلماء؟ فأجاب: الحمد لله رب العالمين، الوطء في الدبر حرام في كتاب الله وسنة رسوله وعلى ذلك عامة أئمة المسلمين من الصحابة والتابعين وغيرهم، فإن الله قال في كتابه: نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم. وقد ثبت في الصحيح أن اليهود كانوا يقولون: إذا أتى الرجل امرأته في قبلها من دبرها جاء الولد أحول. فسأل المسلمون عن ذلك النبي فأنزل الله هذه الآية: نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم. والحرث موضع الزرع، والولد إنما يزرع في الفرج لا في الدبر، فأتوا حرثكم - وهو موضع الولد - أنى شئتم - أي من أين شئتم من قبلها ومن دبرها وعن يمينها وعن شمالها. فالله تعالى سمى النساء حرثا، وإنما رخص في إتيان الحروث، والحرث إنما يكون في الفرج. وقد جاء في غير أثر أن الوطء في الدبر هو اللوطية الصغرى، وقد ثبت عن النبي أنه قال ( إن الله لا يستحيي من الحق لا تأتوا النساء في حشوشهن ) والحش هو الدبر وهو موضع القذر، والله سبحانه حرم إتيان الحائض مع أن النجاسة عارضة في فرجها، فكيف بالموضع الذي تكون فيه النجاسة المغلظة، وأيضا فهذا من جنس اللواط، ومذهب أبي حنيفة وأصحاب الشافعي وأحمد وأصحابه أن ذلك حرام لا نزاع بينهم، وهذا هو الظاهر من مذهب مالك وأصحابه، لكن حكى بعض الناس عنهم رواية أخرى بخلاف ذلك، ومنهم من أنكر هذه الرواية وطعن فيها، وأصل ذلك ما نقل عن نافع أنه نقله عن ابن عمر، وقد كان سالم بن عبدالله يكذب نافعا في ذلك، فإما أن يكون نافع غلط أو غلط من هو فوقه، فإذا غلط بعض الناس غلطة لم يكن هذا مما يسوغ خلاف الكتاب والسنة. انتهى

وبناء على ما سبق فجماعُ الزوجة في دبرها محرم باتفاق من يعتد به من أهل العلم، سواء حصل مع إنزال أو بدونه، ولا يجوز للزوجة طاعة زوجها إذا طلب منها الجماع في الدبر، إذ لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. وراجع في ذلك الفتوى رقم: 20430 . وراجع لمزيد الفائدة الفتوى رقم : 21843 والفتوى رقم : 118150.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني