الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

إمرار أذكار الصباح والمساء على القلب هل يجزئ؟

السؤال

في بعض الأوقات أقرأ أذكار الصباح والمساء درن رفع صوتي وأحيانا أقرؤها في قلبي، فهل هذا صحيح؟ وأيضا سورة الملك عند النوم لا أرفع صوتي عند قراءتها.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن أذكار الصباح والمساء والنوم وغيرها من الأذكار التي ورد الشرع بقراءتها لا يجزئ فيها مجرد إمرارها على القلب، بل إن جمهور أهل العلم على أن مجرد حركة اللسان لا تكفي فيها، بل لا بد من لفظ يسمع به المتكلم نفسه، وذهب المالكية إلى الاكتفاء بحركة اللسان، قال ابن أبي زيد المالكي في الرسالة مع شرحه: والقراءة التي يسر بها في الصلاة كلها بالرفع تأكيد للقراءة هي بتحريك اللسان، هذا أدنى السر، وأعلاه أن يسمع نفسه فقط.

وجاء في الموسوعة الفقهية: الذكر في حال العزلة عن الناس والانفراد عنهم وحيث لا يعلم به إلا الله تعالى أفضل من الذكر في الملأ, ولكل من الحالين فضله, لقوله تعالى في الحديث القدسي: أنا عند ظن عبدي بي, وأنا معه إذا ذكرني, فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم ـ قال ابن حجر: قال بعض أهل العلم: يستفاد منه أن الذكر الخفي أفضل من الذكر الجهري, والتقدير: إن ذكرني في نفسه ذكرته بثواب لا أطلع عليه أحدا، وفي الحديث: سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله فذكر منهم: ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه ـ وفي رواية: ذكر الله في خلاء ـ قال ابن حجر: أي لأنه أبعد عن الرياء، لا يعتد بشيء مما رتب الشارع الأجر على الإتيان به من الأذكار الواجبة أو المستحبة في الصلاة وغيرها حتى يتلفظ به الذاكر ويسمع نفسه إذا كان صحيح السمع, وذلك لأن قول النبي صلى الله عليه وسلم في أكثر من مناسبة بأن من قال كذا كان له من الأجر كذا لا يحصل له ذلك الأجر إلا بما يصدق عليه معنى القول, وهو لا يكون إلا بالتلفظ باللسان، ولا يحصل ذلك عند الجمهور بمجرد تحريك اللسان بغير صوت أصلا، بل لا بد من صوت, وأقله أن يسمع نفسه، وفي الحديث القدسي: أنا مع عبدي إذا هو ذكرني وتحركت شفتاه ـ وقال الشوكاني: لم يرد ما يدل على اشتراط أن يسمع نفسه، بل يصدق عليه أنه قول بمجرد التلفظ وهو تحريك اللسان وإن لم يسمع نفسه. اهـ.

ومجرد إمرار الأذكار على القلب يحصل به الذكر القلبي, جاء في الموسوعة بعد الكلام السابق: ومع هذا، فالإسرار بالذكر بالقلب بدون تلفظ ولا تحريك للسان، بل بإمرار الكلام الذي يذكر به على القلب من تسبيح وتحميد وتهليل وغير ذلك كله جائز ويؤجر عليه فاعله، لقول الله تعالى في الحديث القدسي: وإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي ـ وهذا النوع من الذكر جائز حيث يمتنع الذكر اللساني, كحال قضاء الحاجة والجماع وعند خطبة الجمعة، ومن ذلك إمرار القرآن على القلب للجنب أو الحائض, قال ابن علان: ومن ذلك الهمس به من غير أن يسمع نفسه، لأنها ليست بقراءة فلا يشملها النهي. اهـ.

وللمزيد من الفائدة انظري الفتويين رقم: 114273، ورقم: 13109.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني