الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

صحة إسلام الكافر هل تتوقف على اغتساله

السؤال

وفقكم الله لما يحبه و يرضاه, و أسأل الله لي و لكم السلامة في الدين و الدنيا.
السؤال: القول بوجوب الغسل على الكافر أو المرتد إذا أسلم, هل يعني عند من ترجح عنده هذا أنه ما لم يغتسل لا يصح إسلامه
و يبقى كافرا و يترتب على هذا بطلان ما سيأتي به من عبادات, أو يصير مسلما و لكنه آثم؟
و كيف يتوب من ارتد بتركه صلوات و تركه الزكاة(مع إقراره بوجوب الزكاة),هل ينطق بالشهادتين أو يقول أستغفر الله و أتوب إليه أو كلاهما,و هل النطق يكون قبل الغسل أو بعده؟
جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالكافر إذا أسلم لزمه الغسل عند الحنابلة وقول عند المالكية سواء كان أصليا أو مرتدا، وسواء أجنب في حال كفره أو لا، ويصح إسلامه وإن لم يغتسل بل ليس له أن يؤخر الإسلام حتى يغتسل.

قال في كشاف القناع: ويحرم تأخير إسلام لغسل أو غيره لوجوبه على الفور. انتهى.

فإسلام الكافر صحيح وإن لم يغتسل حتى على القول بوجوب الغسل عليه مطلقا، وتصح عباداته غير المفتقرة إلى الغسل، فإن أراد فعل ما يلزم له الغسل كالصلاة والطواف ومس المصحف والمكث في المسجد . لم يصح منه حتى يغتسل.

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: أي إنسان لزمه الغسل سواء كان ذكرا أم أنثى، ويلزَمُ الغُسْل بواحد من الموجِبات السِّتة السَّابقة. -ومنها إسلام الكافر- فمن لَزِمَهُ الغُسْل حرم عليه: الصَّلاة، والطَّواف، ومَسُّ المصْحَفِ. ويَحْرُمُ عليه أيضاً: قراءة القرآن، واللبْثُ في المسجد، وهذان يختصَّان بمن لزمه الغسل. انتهى.

فتبين لك أن صحة إسلام الكافر لا تتوقف على الغسل وإنما تتوقف عليه عباداته المفتقرة في صحتها إليه. وأما ترك الصلاة ففي كونه كفرا ناقلا عن الملة خلاف بين العلماء، والذي نميل إليه أنه كفر دون كفر وهو مذهب الجمهور، وراجع الفتوى رقم: 130853 ، وعلى القول بأنه كفر فتوبته أن يشهد الشهادتين ويصلي. وعليه أن يغتسل كذلك إن قيل بوجوب الغسل على كل كافر أسلم. ويأتي بالشهادتين قبل أن يغتسل لحرمة تأخير الإسلام كما مر. وأما منع الزكاة فليس كفرا ما لم يكن مانعها جاحدا لوجوبها عند الجماهير، ودليل عدم كفره واضح جدا.

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: ذكر النبي صلّى الله عليه وسلّم مانع زكاة الذهب والفضة، وذكر عقوبته، ثم قال: «ثم يرى سبيله إما إلى الجنة، وإما إلى النار» ، ولو كان كافراً لم يكن له سبيل إلى الجنة. انتهى.

هذا والمفتى به عندنا في مسألة غسل الكافر إذا أسلم هو قول الشافعية واختيار أبي بكر عبد العزيز من الحنابلة وهو أنه لا يجب الغسل على الكافر إذا أسلم إلا إن كان ارتكب حال كفره ما يوجب الغسل فيغتسل لرفع الحدث. وانظر الفتوى رقم: 147945.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني