الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الأخت والزوجة كلاهما تستحق الإحسان

السؤال

الأخت المتزوجة والزوجة أيهما أحق للرجل أن يحسن ويبر إليها في ضوء الكتاب والسنة؟ وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فكلتاهما تستحق الإحسان والعشرة بالمعروف، أما الأخت فلرحمها وقد قال تعالى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا {النساء:1}.

وفي الحديث الصحيح الذي أخرجه البخاري وغيره عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: خلق الله الخلق فلما فرغ منه قامت الرحم فأخذت بحقو الرحمن، فقال لها: مه، قالت: هذا مقام العائذ بك من القطيعة، قال: ألا ترضين أن أصل من وصلك واقطع من قطعك؟ قالت: بلى يا رب، قال: فذلك لك.

قال العدوي في حاشيته: والصلة بالزيارة وبذل المال للمحتاج والقول الحسن والسؤال عن الحال إلى أن قال: والصلة بالزيارة إنما تكون فيمن قرب محل رحمه وإلا فزيارته بالكتب إليه أو إرسال رسوله. اهـ

والأخت ممن قربت رحمه وقد قال صلى الله عليه وسلم: من سره أن يبسط له في رزقه، وأن ينسأ له في أثره فليصل رحمه. رواه البخاري ومسلم.

وقال تعالى: يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلْ مَا أَنفَقْتُم مِّنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللّهَ بِهِ عَلِيمٌ {البقرة: 215}.

وتدخل الأخت في هذه النصوص كلها دخولا أوليا لقرب رحمها.

وأما الزوجة: فلقوله تعالى: وعاشروهن بالمعروف { النساء: 13}.

قال الضحاك في تفسير الآية: فعليه أن يحسن صحبتها ويكف عنها أذاه، وينفق عليها من سعته، وإعطاؤها حقها في المبيت معها وملاطفتها، وإعطاؤها حقها في الجماع.

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: اتقوا الله في النساء، فإنهن عوان عندكم ـ أي كالأسيرات ـ أخذتموهن بأمانة الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله، ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف. رواه الترمذي وأبو داود.

وقال أيضا: خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي. رواه الترمذي وهو صحيح.

وبناء عليه، فللأخت على أخيها حق الرحم، وللزوجة على على زوجها حق الزوجية، فيجب الإحسان إلى كل منهما كما دلت على ذلك النصوص الشرعية، لكن لو أردنا ترتيبهما في الأولية واستحقاق الإحسان، فالزوجة تقدم في الواجب لها من النفقة والعشرة بالمعروف وما بعد الواجب من الفضل من نفقة أوعشرة تقدم فيه ـ والله أعلم ـ الأخت لما للأخت من رحم وقد قال تعالى: وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ {الأنفال:75}.

وقوله صلى الله عليه وسلم: إذا كان أحدكم فقيرا فليبدأ بنفسه، فإن كان فضلا فعلى عياله، فإن كان فضلا فعلى قرابته. إلى آخر الحديث. رواه النسائي وأبو داود والإمام أحمد واللفظ الذي ذكرنا للنسائي.

وعن أبي رِمثة ـ رضي الله عنه ـ قال: انتهيت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسمعته يقول: بر أمك وأباك وأختك وأخاك ثم أدناك أدناك. رواه أحمد والحاكم وصححه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني