الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم تأخير الظهر إلى قرب العصر طيلة العام وهل يأتم بمن يفعل ذلك

السؤال

في تونس لا يزال أذان صلاة الظهر في بعض المساجد لا يرفع إلا قبل صلاة العصر ب 30 دقيقة وهكذا بشكل راتب طيلة السنة، وحين سئل الإمام قال إنه يؤخرها من أجل العمال والموظفين ولم يأت بأي دليل من القرآن والسنة، فما حكم صلاة الظهر خلف هذا الإمام؟ وماهي الأدلة على ذلك؟ وكيف نتعامل مع هذا الإمام إن كان مخطئا خصوصا أن أغلب المصلين يريدون الصلاة في أول وقتها؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فليعلم هذا الإمام أن صلاة الظهر في أول وقتها هو الأفضل إلا إذا اشتد الحر فيستحب الإبراد بها، وإذا أبرد بالصلاة فلا حرج في تأخير الأذان، لحديث أبي ذر في الصحيح قال: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ، فَأَرَادَ المُؤَذِّنُ أَنْ يُؤَذِّنَ لِلظُّهْرِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَبْرِدْ، ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يُؤَذِّنَ، فَقَالَ لَهُ: أَبْرِدْ، حَتَّى رَأَيْنَا فَيْءَ التُّلُولِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ شِدَّةَ الحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ، فَإِذَا اشْتَدَّ الحَرُّ فَأَبْرِدُوا بِالصَّلاَةِ.

فما يفعله هذا الإمام من تأخير الظهر طيلة العام إلى قريب من آخر الوقت هو خلاف السنة بلا شك، قال الموفق رحمه الله: ولا نَعْلَمُ فِي اسْتِحْبَابِ تَعْجِيلِ الظُّهْرِ فِي غَيْرِ الْحَرِّ وَالْغَيْمِ، خِلَافًا، قَالَ التِّرْمِذِيُّ وَهُوَ الَّذِي اخْتَارَهُ أَهْلُ الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ وَذَلِكَ لِمَا ثَبَتَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي بَرْزَةَ وَجَابِرٍ، وَغَيْرِهِمَا، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَتْ عَائِشَةُ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: مَا رَأَيْت أَحَدًا كَانَ أَشَدَّ تَعْجِيلًا لِلظُّهْرِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا مِنْ أَبِي بَكْرٍ وَلَا مِنْ عُمَرَ، قَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ. انتهى.

فإن كان يؤخر الصلاة لانتظار كثرة الجمع فهذا قول قد قال به بعض العلماء، قال في الفروع: وَهَلْ فَضِيلَةُ أَوَّلِ الْوَقْتِ أَفْضَلُ أَمْ انْتِظَارُهُ كَثْرَةَ الجمع؟ فيه وجهان. انتهى.

والراجح أن فضيلة أول الوقت مقدمة، قال في حاشية الروض: وفضيلة أول الوقت أفضل من انتظار كثرة الجمع، مشى عليه في الإقناع، وصوبه في الإنصاف، وقال الشيخ: ليس للإمام تأخير الصلاة عن الوقت المستحب، وبعد حضور أكثر الجماعة منتظرا لأحد، بل ينهى عن ذلك إذا شق، ويجب عليه رعاية المأمومين. انتهى.

فعليكم أن تناصحوه وأن تبينوا له ما ذكرنا من السنة وأن سنة النبي صلى الله عليه وسلم أولى ما اتبع، فإن أصر على تأخير الصلاة فإن كان ثم مسجد آخر يصلي إمامه في أول الوقت فهو أولى أن تصلوا فيه جمعا بين الفضيلتين فضيلة تعجيل الصلاة وفضيلة الجماعة، وإلا فالأولى أن تصلوا معه ما دام يصلي في الوقت ولا يخرج الصلاة عن وقتها، فإن مراعاة فضيلة الجماعة أولى من مراعاة فضيلة أول الوقت، وقد بينا هذا في الفتوى رقم: 123619، فانظرها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني