الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم قول: بالله عليك. وما يترتب عليه

السؤال

أريد أن أعرف حكم قول ( بالله عليك ) يعني بدلا من والنبي وحياتي وكل مما يعتبر شركا أصغر؟ وإذا كان لا يجوز فبماذا أحُلّف الشخص الذي أمامي؟
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإذا كان قصدك بالعبارة المذكورة: أقسم بالله عليك ـ فإن هذا يعتبر يمينا منعقدة على الحنث وهو جائز، وإبرار المحلوف عليه لك في هذه الحالة مسنون ومندوب إليه ما لم يكن الحلف على إثم أو يترتب عليه ضرر، لحديث البراء بن عازب رضي الله عنه المتفق عليه، قال: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبع... وذكر منها: وإبرار المقسم. ويستثنى من هذا ما إذا كانت المصلحة في ترك ذلك.

قال في روضة الطالبين: يسن إبرار المقسم كما ذكر للحديث الصحيح فيه، وهذا إذا لم يكن في الإبرار مفسدة بأن تضمن ارتكاب محرم أو مكروه. انتهى.

وقال في كشاف القناع: "( ويسن إبرار القسم ) لقول العباس للنبي صلى الله عليه وسلم أقسمت عليك لتبايعنه فبايعه النبي صلى الله عليه وسلم. وقال أبررت قسم عمي. ولا يجب لقول أبي بكر الصديق للنبي صلى الله عليه وسلم أقسمت عليك لتخبرني بما أصبت مما أخطأت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تقسم يا أبا بكر. رواه أبو داود. انتهى.

وجاء في شرح النووي على حديث مسلم في تركه صلى الله عليه وسلم إخبار أبي بكر بخطئه في تأويل الرؤيا وقد أقسم عليه: قوله:(فوالله يا رسول الله لتحدثني ما الذي أخطأت قال: لا تقسم) هذا الحديث دليل لما قاله العلماء أن إبرار المقسم المِأمور به في الأحاديث الصحيحة إنما هو إذا لم تكن في الإبرار مفسدة ولا مشقة ظاهرة، فإن كان لم يؤمر بالإبرار، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يبر قسم أبي بكر لما رأى في إبراره من المفسدة، ولعل المفسدة ما علمه من سبب انقطاع السبب مع عثمان، وهو قتله، وتلك الحروب والفتن المترتبة عليه، فكره ذكرها مخافة من شيوعها. انتهى.

فان لم يستجب لك المحلوف عليه فعليك الكفارة.

قال ابن قدامة في المغني: فإن قال: والله ليفعلن فلان كذا، أو لا يفعل أو حلف على حاضر، فقال: والله لتفعلن كذا فأحنثه، ولم يفعل فالكفارة على الحالف. كذا قال ابن عمر، وأهل المدينة وعطاء، وقتادة والأوزاعي وأهل العراق والشافعي لأن الحالف هو الحانث، فكانت الكفارة عليه. انتهى.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى: الإقسام بالله على الغير أن يحلف المقسم على غيره ليفعلن كذا، فإن حنثه ولم يبر قسمه فالكفارة على الحالف لا على المحلوف عليه عند عامة الفقهاء... اهـ

وقال في الإنصاف: لو قال بالله لتفعلن كذا فيمين على الصحيح من المذهب. والكفارة على الحالف على الصحيح من المذهب. وحكى عنه أنها تجب على الذي حنثه حكاه سليم الشافعي. انتهى باختصار.

وفي الإقناع ممزوجا بشرحه كشاف القناع: ( وإن قال والله ليفعلن فلان كذا أو ) والله ( لا يفعلن ) فلان كذا فلم يطعه ( أو حلف على حاضر فقال والله لتفعلن ) يا فلان ( كذا أو لا تفعلن كذا فلم يطعه حنث الحالف ) لعدم وجود المحلوف عليه ( والكفارة عليه ) أي الحالف في قول ابن عمر والأكثر و ( لا ) تجب الكفارة ( على من أحنثه ) لظاهر قوله تعالى { ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان }. ( وإن قال أسألك بالله لتفعلن وأراد اليمين فكالتي قبلها ) يحنث إن لم يفعل المحلوف عليه والكفارة على الحالف ( وإن أراد الشفاعة إليه بالله ) تعالى ( فليست بيمين ) لعدم الإقسام. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني