الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هدم الكعبة وإعادة بنائها

السؤال

ما المقصود هنا بهدم الكعبة وإعادة بنائها؟ وهل تساوت بالأرض أم كان ترميما وإصلاحا فقط؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن السائل لم يوضح لنا مراده بقوله هنا، أما عن هدم الكعبة فقد هدمت أكثر من مرة وأعيد بناؤها، فقد هدمت في الجاهلية هدما ثم أعادت قريش بناءها، وهدمت في عهد عبد الله بن الزبير ـ رضي الله عنه ـ لما ضربها أهل الشام بالمنجنيق، فاستشار ابن الزبير الناس في نقضها واستخار في ذلك ثم نقضها وأعاد ابن الزبير ـ رضي الله عنه ـ بناءها ولم يكن الأمر مجرد ترميم وإصلاح، جاء في صحيح مسلم عن عطاء قال: لما احترق البيت زمن يزيد بن معاوية حين غزاها أهل الشام فكان من أمره ما كان تركه ابن الزبير حتى قدم الناس الموسم يريد أن يجرئهم أو يحربهم على أهل الشام، فلما صدر الناس قال: يا أيها الناس أشيروا علي في الكعبة أنقضها ثم أبني بناءها؟ أو أصلح ما وهى منها؟ قال ابن عباس: فإني قد فرق لي رأي فيها أرى أن تصلح ما وهى منها وتدع بيتا أسلم الناس عليه وأحجارا أسلم الناس عليها وبعث عليها النبي صلى الله عليه وسلم، فقال ابن الزبير: لو كان أحدكم احترق بيته ما رضي حتى يُجدَّه فكيف بيت ربكم؟ إني مستخير ربي ثلاثا ثم عازم على أمري، فلما مضى الثلاث أجمع رأيه على أن ينقضها فتحاماه الناس أن ينزل بأول الناس يصعد فيه أمر من السماء حتى صعده رجل فألقى منه حجارة فلما لم يره الناس أصابه شيء تتابعوا فنقضوه حتى بلغوا به الأرض فجعل ابن الزبير أعمدة فستر عليها الستور حتى ارتفع بناؤه، وقال ابن الزبير: إني سمعت عائشة تقول: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لولا أن الناس حديث عهدهم بكفر وليس عندي من النفقة ما يقوى على بنائه لكنت أدخلت فيه من الحجر خمس أذرع ولجعلت لها بابا يدخل الناس منه وبابا يخرجون منه ـ قال فأنا اليوم أجد ما أنفق ولست أخاف الناس، قال فزاد فيه خمس أذرع من الحجر حتى أبدى أسا نظر الناس إليه فبنى عليه البناء وكان طول الكعبة ثماني عشرة ذراعا، فلما زاد فيه استقصره فزاد في طوله عشر أذرع وجعل له بابين أحدهما يدخل منه والآخر يخرج منه، فلما قتل ابن الزبير كتب الحجاج إلى عبد الملك بن مروان يخبره بذلك ويخبره أن ابن الزبير قد وضع البناء على أس نظر إليه العدول من أهل مكة فكتب إليه عبد الملك إنا لسنا من تلطيخ ابن الزبير في شيء، أما ما زاد في طوله فأقره، وأما ما زاد فيه من الحجر فرده إلى بنائه وسد الباب الذي فتحه، فنقضه وأعاده إلى بنائه..

وقد ذكر الحافظ في الفتح: أن ابن الزبير لما أراد بناء البيت عزل ما كان يصلح أن يعاد في البيت من الحجارة فبنوا به فنظروا إلى ما كان لا يصلح منها أن يبني به فأمر به أن يحفر له في جوف الكعبة، فيدفن واتبعوا قواعد إبراهيم من نحو الحجر فلم يصيبوا شيئا حتى شق على ابن الزبير، ثم أدركوها بعد ما أمعنوا فنزل عبد الله بن الزبير فكشفوا له عن قواعد إبراهيم وهي صخر أمثال الخلف من الإبل فأنفضوا له أي حركوا تلك القواعد بالعتل فنفضت قواعد البيت ورأوه بنيانا مربوطا بعضه ببعض، فحمد الله وكبره، ثم أحضر الناس فأمر بوجوههم وأشرافهم فنزلوا حتى شاهدوا ما شاهدوه، ورأوا بنيانا متصلا فأشهدهم على ذلك....اهـ.

وراجع للمزيد في هذا الأمر الفتوى رقم: 121223، وما أحيل عليه فيها من فتاوى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني