الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

نصيحة الشيخ ابن باز للذين يجرحون الدعاة المشهورين

السؤال

لعلك تسمع عن منتدى يوجد على الإنترنت يسمى بمنتدى سحاب وهذا المنتدى مليء بالنقد الموجه إلى كثير من أهل العلم وطلبته يصل أحيانا إلى تجريحهم أشد التجريح والنيل منهم حتى إني قرأت في الآونة الأخيرة قصيدة كتبها أحدهم هجاء للشيخ يوسف القرضاوي يصفه فيها - أعزكم الله - بالحمار. فما رأيكم ياشيخ في هذا المنتدى؟ وبماذا تنصحوننا؟ هل نحذر منه ونصرف الناس عنه أم ماذا؟ أفيدونا وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فنصيحتنا لإخواننا رواد المنتديات في الإنترنت وغيرهم من المسلمين في مثل هذا الأمر هي نصيحة الشيخ عبد العزيز بن باز -رحمه الله تعالى- والتي نشرت في صحف الجزيرة والرياض يوم السبت 22/6/1412هـ وقد قال فيها:

وقد شاع في هذا العصر أن كثيراً من المنتسبين إلى العلم والدعوة إلى الخير يقعون في أعراض كثير من إخوانهم الدعاة المشهورين، ويتكلمون في أعراض طلبة العلم والدعاة والمحاضرين، يفعلون ذلك سراً في مجالسهم، وربما سجلوه في أشرطة تنتشر على الناس، وقد يفعلونه علانية في محاضرات عامة في المساجد، وهذا المسلك مخالف لما أمر الله به ورسوله من جهات عديدة منها:
أولاً: أنه تعد على حقوق الناس من المسلمين، بل من خاصة الناس من طلبة العلم والدعاة الذين بذلوا وسعهم في توعية الناس وإرشادهم، وتصحيح عقائدهم ومناهجهم، واجتهدوا في تنظيم الدروس والمحاضرات وتأليف الكتب النافعة.
ثانياً: أنه تفريق لوحدة المسلمين وتمزيق لصفهم، وهم أحوج ما يكونون إلى الوحدة والبعد عن الشتات والفرقة وكثرة القيل والقال فيما بينهم، خاصة وأن الدعاة الذين نيل منهم هم من أهل السنة والجماعة المعروفين بمحاربة البدع والخرافات، والوقوف في وجه الداعية إليها، وكشف خططهم وألاعيبهم، ولا نرى مصلحة في مثل هذا العمل إلا للأعداء والمتربصين من أهل الكفر والنفاق أو من أهل البدع والضلال.
ثالثاً: أن هذا العمل فيه مظاهرة ومعاونة للمغرضين من العلمانيين والمستغربين وغيرهم من الملاحدة الذين اشتهر عنهم الوقيعة في الدعاة والكذب عليهم والتحريض ضدهم فيما كتبوه وسجلوه، وليس من حق الأخوة الإسلامية أن يعين هؤلاء المتعجلون أعداءهم على إخوانهم من طلبة العلم والدعاة وغيرهم.
رابعاً: أن في ذلك إفساداً لقلوب العامة والخاصة، ونشراً وترويجاً للأكاذيب والإشاعات الباطلة، وسبباً في كثرة الغيبة والنميمة و فتح أبواب الشر على مصاريعها لضعاف النفوس الذين يدأبون على بث الشبه وإثارة الفتن ويحرصون على إيذاء المؤمنين بغير ما اكتسبوا.
خامساً: أن كثيراً من الكلام الذي قيل لا حقيقة له، وإنما هو من التوهمات التي زينها الشيطان لأصحابها وأغراهم بها، وقد قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً) [الحجرات:12].
والمؤمن ينبغي أن يحمل كلام أخيه على أحسن المحامل، وقد قال بعض السلف: لا تظن بكلمة خرجت من أخيك السوء، وأنت تجد لها في الخير محملاً.
ساساً: وما وجد من اجتهاد لبعض العلماء وطلبة العلم فيما يسوغ فيه الاجتهاد، فإن صاحبه لا يؤاخذ به ولا يثرب عليه إذا كان أهلاً للاجتهاد، فإذا خالفه غيره في ذلك كان الأجدر أن يجادله بالتي هي أحسن، حرصاً على الوصول إلى الحق من أقرب طريق ودفعاً لوساوس الشيطان وتحريشه بين المؤمنين، فإن لم يتيسر ذلك، ورأى أحد أنه لا بد من بيان المخالفة فيكون ذلك بأحسن عبارة وألطف إشارة، ودون تهجم أو تجريح أو شطط في القول قد يدعو إلى رد الحق أو الإعراض عنه، ودون تعرض للأشخاص أو اتهام للنيات أو زيادة في الكلام لا مسوغ لها، وقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يقول في مثل هذه الأمور: ما بال أقوام قالوا كذا وكذا.

فالذي أنصح به هؤلاء الإخوة الذين وقعوا في أعراض الدعاة ونالوا منهم أن يتوبوا إلى الله تعالى مما كتبته أيديهم، أو تلفظت به ألسنتهم، مما كان سببًا في إفساد قلوب بعض الشباب، وشحنهم بالأحقاد والضغائن، وشغلهم عن طلب العلم النافع، وعن الدعوة إلى الله بالقيل والقال، والكلام عن فلان وفلان، والبحث عما يعتبرونه أخطاء للآخرين وتصيدها وتكلف ذلك. كما أنصحهم أن يكفِّروا عما فعلوا بكتابة أو غيرها، مما يبرؤون فيه أنفسهم من مثل هذا الفعل، ويزيلون ما علق بأذهان من يستمع إليه من قولهم، وأن يقبلوا على الأعمال المثمرة التي تقرب إلى الله وتكون نافعة للعباد، وأن يحذروا من التعجٌّل في إطلاق التكفير، أو التفسيق، أو التبديع لغيرهم، بغير بينة ولا برهان، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من قال لأخيه: يا كافر، فقد باء به أحدهما» متفق على صحته. ومن المشروع لدعاة الحق وطلبة العلم إذا أشكل عليهم أمر من كلام أهل العلم أو غيرهم أن يرجعوا فيه إلى العلماء المعتبرين، ويسألوهم عنه ليبينوا لهم جلية الأمر، ويوقفوهم على حقيقته، ويزيلوا ما في أنفسهم من التردد والشبهة، عملًا بقول الله عز وجل في سورة النساء: {وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني