الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل الكفارات عقوبات فقط أم لها أجر؟

السؤال

هل صيام الكفارة له أجر الصيام أم فقط لرفع الإثم والأجر فيه يكون على الامتثال فقط؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن صيام الكفارة أيا كانت مما أمر الله به وأمر به رسوله صلى الله عليه وسلم وهو حق لله تعالى، والذي يظهر من كلام أهل العلم أن في الكفارات ثوابا باعتبارها عبادة وتكميلا للنقص الحاصل بسبب الإخلال بالعبادة وإن كانت عقوبة وردعا أيضا، جاء في عمدة القاري متحدثا عن أنواع الكفارة من صيام أو إطعام وعتق وقصاص: ثمَّ إِن هَذِه الْخِصَال جَامِعَة لاشتمالها على حق الله تَعَالَى وَهُوَ الصَّوْم، وَحقّ الْأَحْرَار بِالْإِطْعَامِ وَحقّ الأرقاء بِالْإِعْتَاقِ وَحقّ الْجَانِي بِثَوَاب الِامْتِثَال. انتهى.

وفي شرح تنقيح الفصول للقرافي: وكفارة الحنث جابرة لما فات من البر. انتهى.

وفي تفسير الألوسي عند تفسيرقوله تعالى من سورة المجادلة: وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ{ 3ـ4}قال: ظاهر في كون الكفارة عقوبة محضة، وقد تقدم القول بأنها دائرة بين العبادة والعقوبة، وكلام الزيلعي يدل على أن جهة العبادة فيها أغلب وفي شرح منهاج النووي لابن حجر في كتاب كفارة الظهار: الكفارة من الكفر وهو الستر لسترها الذنب بمحوه أو تخفيف إثمه بناء على أن الكفارات زواجر كالتعازير أو جوابر للخلل، ورجح ابن عبد السلام الثاني، لأنها عبادة، لافتقارها للنية أي فهي كسجود السهو، إلى أن قال: ومتى قيل: بأن الإعتاق المذكور كفارة وأن الكفارة تستر الذنب بمحوه أو تخفيف إثمه لم يكن بدّ من استتباعه الثواب وكون ذلك لا يعدّ ثوابا لا يخلو عن نظر ولعل المراد أن المقصود الأعظم من شرع هذا الحكم الردع والزجر عن مباشرة ما يوجبه دون التعريض للثواب، وإن تضمنه في الجملة فتأمل: انتهى.

وفي شرح زاد المستقنع للشيخ محمد الشنقيطي: وقوله: الكفارة عقوبة شرعية، اختلف العلماء رحمة الله عليهم فيها: فبعض العلماء يقول: إن الله شرعها عقوبة للمُخل بالطاعة، كما هو الحال في الصيام فيمن جامع أهله في نهار رمضان، ومنهم من قال: شرعها الله جبراً للنقص الموجود في العبادة، ومنهم من جمع بين الأمرين فقال: الكفارات تعتبر عقوبات وزواجر ومكملات، فهي عقوبة لمن فعل، وزجرٌ لغيره أن يفعل، وتكميل للنقص الموجود بسبب الإخلال في العبادة. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني