الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

في مرة من المرات كنت في مركز للتدليك - وأغلب العاملين فيه من الجنسية الفلبينية – فجلس ذلك العامل في حضني, ولم يحصل إيلاج, ولم يحصل تقبيل, لكن – للأسف - حصل القذف, ولم أكن أقصد تلك الفعلة الشنيعة - والعياذ بالله - فلست من أصحاب هذه الفعلة, ولم أبحث عنها, ولكن عمي البصر, فما حكمي؟ وما الذي أفعله؟ أرشدوني - جزيتم خيرًا - فأنا خائف أن أحرم من التوفيق والأجر, وشكرًا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإنه يجوز للرجل أن يدلك رجلًا مثله إذا لم يترتب على ذلك كشف, ولا مس العورة، ويشترط في ذلك أمن الفتنة، وعدم الشهوة, فإن لم يأمن الفتنة، أو كان ذلك بشهوة، فإنه يحرم.

وأما ما فعلته أنت من السماح لهذا الرجل بالجلوس في حضنك: فهو يعتبر من مقدمات هذه الفاحشة, وهو محرم بالإجماع, قال شيخ الإسلام ابن تيمية: وكذلك مقدمات الفاحشة عند التلذذ بقبلة الأمرد ولمسه، والنظر إليه هو حرام باتفاق المسلمين. اهـ
وقال ابن الحاج المالكي في المدخل: اللوطية على ثلاث مراتب .. طائفة تتمتع بالنظر وهو محرم؛ لأن النظرة إلى الأمرد بشهوة حرام إجماعًا، بل صحح بعض العلماء أنه محرم؛ وإن كان بغير شهوة, والطائفة الثانية يتمتعون بالملاعبة والمباسطة والمعانقة وغير ذلك عدا فعل الفاحشة الكبرى .... والمرتبة الثالثة: فعل الفاحشة الكبرى. اهـ

والواجب عليك أن تتوب إلى الله تعالى توبة نصوحًا جامعة لشروط قبولها، من الندم على ما سلف من الذنوب، والإقلاع عنها خوفًا من الله تعالى, وتعظيمًا له, وطلبًا لمرضاته، والعزم الصادق على عدم العودة إليها أبدًا، فقد قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا {التحريم:8}، وقال الله تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {الزمر:53}.

ثم عليك بالإكثار من الأعمال الصالحة فهي مكفرات للذنوب, فقد قال الله تعالى: فَمَن تَابَ مِن بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ {المائدة:39}, وقال تعالى: كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَن عَمِلَ مِنكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِن بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ {الأنعام:54}, وقال تعالى: وَمَن يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللّهَ يَجِدِ اللّهَ غَفُورًا رَّحِيمًا { النساء: 110}, وقال سبحانه: وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ {هود:114}, وفي سنن الترمذي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: اتق الله حيثما كنت وأتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن. حسنه الألباني, وقال تعالى: وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ {الشورى:25}.

والله أعلم .

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني