الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

معاني: قرآن، صراط، سجين، مرقوم، عليين، سورة.. وهل أصلها أعجمي؟

السؤال

هل الكلمات: قرآن، صراط، سجين، مرقوم، عليين، سورة ـ كلمات أعجمية؟ وإن لم تكن أعجمية فأرجو عرض أصلها في اللغة العربية وشكراً لكم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن هذا السؤال له ارتباط بمسألة هل في القرآن ألفاظ أعجمية من غير الأعلام، أم لا؟ وفيها خلاف بين أهل العلم انظر بعض أقوالهم في الفتوى رقم: 48264.
وقد ذكر السيوطي في الإتقان هذه المسألة بشيء من التفصيل وذكر أقوال الفريقين، ثم ختمها بقول أبي عبيد القاسم بن سلام: والصواب عندي مذهب فيه تصديق القولين جميعا، وذلك أن هذه الأحرف أصولها أعجمية، كما قال الفقهاء، لكنها وقعت للعرب فعربتها بألسنتها وحولتها عن ألفاظ العجم إلى ألفاظها فصارت عربية، ثم نزل القرآن وقد اختلطت هذه الحروف بكلام العرب، فمن قال إنها عربية فهو صادق، ومن قال أعجمية فصادق. انتهى.

ثم عد السيوطي ما قيل فيه إنه أعجمي، ونذكر منها ما يتعلق بالسؤال:
قال: سِجِّينٍ ـ ذكر أبو حاتم في كتاب الزينة أنه غير عربي. انتهى.

وقال في مختار الصحاح: وَسِجِّينٌ ـ مَوْضِعٌ فِيهِ كِتَابُ الْفُجَّارِ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا: هُوَ دَوَاوِينُهُمْ، قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: هُوَ فِعِّيلٌ مِنَ السِّجْنِ. انتهى.
وقال السيوطي: الصِّرَاطَ ـ حكى النقاش وابن الجوزي أنه الطريق بلغة الروم ثم رأيته في كتاب الزينة لأبي حاتم. انتهى.

وقال أيضا: مَرْقُومٌ ـ قال الواسطي في قوله تعالى: كتاب مرقوم ـ أي مكتوب بلسان العبرية. انتهى.
وأما الكلمات الثلاث الأخرى وهي: قرآن، وعليين، وسورة ـ فكلها عربية.
فأما القرآن: فقال ابن فارس في معجم مقاييس اللغة: قَالُوا: وَمِنْهُ الْقُرْآنُ، كَأَنَّهُ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِجَمْعِهِ مَا فِيهِ مِنَ الْأَحْكَامِ وَالْقِصَصِ وَغَيْرِ ذَلِكَ. انتهى.
وقال الزبيدي في تاج العروس: القُرْآن هُوَ التنزيلُ العزيزُ، أَي المَقروءُ الْمَكْتُوب فِي المَصاحف، وإِنما قُدِّم على مَا هُوَ أَبْسَطُ مِنْهُ لشرفه. انتهى.
وقال في مختار الصحاح: وَقَرَأَ الشَّيْءَ قُرْآنًا بِالضَّمِّ أَيْضًا جَمَعَهُ وَضَمَّهُ وَمِنْهُ سُمِّيَ الْقُرْآنُ، لِأَنَّهُ يَجْمَعُ السُّوَرَ وَيَضُمُّهَا، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ {القيامة: 17} أَيْ قِرَاءَتَهُ. انتهى.

وللفائدة يرجى مراجعة الفتوى رقم: 14651.

وأما كلمة عليين: فقال ابن فارس: قَالَ الْفَرَّاءُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ {المطففين: 18} قَالُوا: إِنَّمَا هُوَ ارْتِفَاعٌ بَعْدَ ارْتِفَاعٍ إِلَى مَا لَا حَدَّ لَهُ، وَإِنَّمَا جُمِعَ بِالْوَاوِ وَالنُّونِ لِأَنَّ الْعَرَبَ إِذَا جَمَعَتْ جَمْعًا لَا يَذْهَبُونَ فِيهِ إِلَى أَنَّ لَهُ بِنَاءً مِنْ وَاحِدٍ وَاثْنَيْنِ قَالُوهُ فِي الْمُذَكَّرِ وَالْمُؤَنَّثِ نَحْوَ عِلِّيِّينَ، فَإِنَّهُ إِنَّمَا يُرَادُ بِهِ شَيْءٌ، لَا يُقْصَدُ بِهِ وَاحِدٌ وَلَا اثْنَانِ. انتهى.

وأما السورة: فقد قال ابن فارس: وَالسُّورُ ـ أَيْضًا جَمْعُ سُورَةٍ مِثْلُ بُسْرَةٍ وَبُسْرٍ، وَهِيَ كُلُّ مَنْزِلَةٍ مِنَ الْبِنَاءِ، وَمِنْهُ سُورَةُ الْقُرْآنِ، لِأَنَّهَا مَنْزِلَةٌ بَعْدَ مَنْزِلَةٍ، مَقْطُوعَةٌ عَنِ الْأُخْرَى، وَالْجَمْعُ سُوَرٌ بِفَتْحِ الْوَاوِ، وَيَجُوزُ أَنْ يُجْمَعَ عَلَى سُورَاتٍ بِسُكُونِ الْوَاوِ وَفَتْحِهَا. انتهى.

وللفائدة يرجى مراجعة الفتوى رقم: 108330.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني