الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مشروعية سجود التلاوة لمن سمع قراءة قوم كانوا على بدعة

السؤال

في يوم الجمعة تكون قراء القرآن جماعة قبل صلاة الجمعة، وهي بدعة، فهل إذا سجدوا سجدة التلاوة أسجد معهم؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فسجود التلاوة في أصله مستحب غير واجب, ويشرع للمستمع دون السامع, قال ابن قدامة في المغني: فَأَمَّا السَّامِعُ غَيْرُ الْقَاصِدِ لِلسَّمَاعِ فَلَا يُسْتَحَبُّ لَهُ، وَرَوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُثْمَانَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَعِمْرَانَ، وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ، وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: عَلَيْهِ السُّجُودُ، وَرُوِيَ نَحْوُ ذَلِكَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، وَالنَّخَعِيِّ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَنَافِعٍ، وَإِسْحَاقَ، لِأَنَّهُ سَامِعٌ لِلسَّجْدَةِ، فَكَانَ عَلَيْهِ السُّجُودُ كَالْمُسْتَمِعِ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا أُؤَكِّدُ عَلَيْهِ السُّجُودَ، وَإِنْ سَجَدَ فَحَسَنٌ، وَلَنَا مَا رُوِيَ عَنْ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّهُ مَرَّ بِقَاصٍّ فَقَرَأَ الْقَاصُّ سَجْدَةً لِيَسْجُدَ عُثْمَانُ مَعَهُ، فَلَمْ يَسْجُدْ، وَقَالَ: إنَّمَا السَّجْدَةُ عَلَى مَنْ اسْتَمَعَ، وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ، وَعِمْرَانُ: مَا جَلَسْنَا لَهَا، وَقَالَ سَلْمَانُ: مَا عَدَوْنَا لَهَا، وَنَحْوُهُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَلَا مُخَالِفَ لَهُمْ فِي عَصْرِهِمْ نَعْلَمُهُ إلَّا قَوْلَ ابْنِ عُمَرَ: إنَّمَا السَّجْدَةُ عَلَى مَنْ سَمِعَهَا، فَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَرَادَ مَنْ سَمِعَ عَنْ قَصْدٍ، فَيُحْمَلُ عَلَيْهِ كَلَامُهُ جَمْعًا بَيْنَ أَقْوَالِهِمْ، وَلَا يَصِحُّ قِيَاسُ السَّامِعِ عَلَى الْمُسْتَمِعِ لِافْتِرَاقِهِمَا فِي الْأَجْرِ. اهـ.

فإذا كنت تستمع لقراءة أولئك الجماعة فلا نرى مانعا من أن تسجد معهم إذا مروا بآية سجدة وسجدوا، وكون عملهم غير مشروع هذا لا يمنع من السجود المشروع عند استماع آية السجدة, وقد سبق أن ذكرنا أنه يشرع لمن استمع لجماعة يقرؤون القرآن أن يسجد معهم سجود التلاوة، كما فصلناه في الفتوىرقم: 62444.

وانظر الفتوى رقم: 138067، والفتاوى المرتبطة بها عن حكم قراءة القرآن في المسجد جهرا في جماعة, والفتوى رقم: 185645، عن كيفية سجود التلاوة حال القراءة الجماعية.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني