الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مذاهب العلماء فيمن أكل شاكا في طلوع الفجر

السؤال

أنا فتاة من السودان، أول شهر ‏رمضان فرض علي، لم أصم منه إلا ‏يومين أو ثلاثة أيام، ولا أدري حتى إذا ‏كنت قد صمتهم بصلاة أو لا، كما ‏أني لا أذكر السبب في عدم صيام هذا ‏الشهر. فما كفارة هذه الأيام؟
وثاني شهر أفطرت يومين عمدا، ‏ويوما لم أقضه يعني ثلاثة أيام.‏
ورمضان الماضي شربت مياها ‏الساعة الخامسة وعشر دقائق، ولا ‏أدري وقتها إذا كان الفجر قد طلع أم ‏لا.
هل أقضي هذا اليوم أم ماذا أفعل؟
وجزاكم الله ألف خير.‏

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن تعمد الفطر في رمضان دون عذر، من الذنوب الكبيرة، وقد جاء في الحديث: من أفطر يوما من رمضان في غير رخصة رخصها الله له، لم يقض عنه صيام الدهر. أخرجه أبو داود، وضعفه الألباني.

وقال الحجاوي في نظم الكبائر:

وَتَرْكٌ لِحَجٍّ مُسْتَطِيعًا، وَمَنْعُهُ زَكَاةٍ، وَحُكْمُ الحَاكِمِ المُتَقَلِّدِ

بِخُلْفِ الحَّقِّ، وَارْتِشَاةٌ، وَفِطْرُهُ بِلَا عُذْرِنَا فِي يوم شَهْرِ التَّعَبُّدِ

فالواجب عليك التوبة إلى الله عز وجل من ذلك، وعليك أن تقضي الأيام التي أفطرتِها ولو بعذر، ويجب عليك مع القضاء إطعام مسكين مُدا من طعام عن كل يوم - وهو ما يعادل 750 جراماً تقريبا - وذلك كفارة لتأخير القضاء، لكن إن كنت تجهلين حرمة تأخير القضاء فإن الكفارة تسقط عنك، ويجب عليك القضاء فحسب، كما بيناه في الفتوى رقم: 66739

وما يتعلق بالشك في عدد الأيام التي أفطرتها بلا عذر فيقال: إن الأصل هو عدم الصيام.

قال السيوطي في الأشباه والنظائر: قاعدة: من شك هل فعل شيئا أولا؟ فالأصل أنه لم يفعله.اهـ.

وعليه؛ فإذا شككت هل أفطرت يومين أم ثلاثة، فيجب عليك أن تقضي ثلاثة أيام. وانظري الفتوى رقم:165159.

وترك الصلاة في رمضان لا يوجب قضاء الأيام التي صمتها فيه. وراجعي لمزيد الفائدة الفتوى رقم: 3247

وأما ما يتعلق بما ذكرته من شرب الماء في رمضان الساعة الخامسة وعشر دقائق، فإن الأصل هو بقاء الليل وعدم طلوع الفجر. فما دمت لم تتيقني من طلوع الفجر، فصيامك صحيح، ولا قضاء عليك.

قال ابن قدامة في المغني: وإن أكل شاكا في طلوع الفجر، ولم يتبين الأمر، فليس عليه قضاء، وله الأكل حتى يتيقن طلوع الفجر. نص عليه أحمد. وهذا قول ابن عباس، وعطاء، والأوزاعي، والشافعي، وأصحاب الرأي. وروي معنى ذلك عن أبي بكر الصديق، وابن عمر، - رضي الله عنهم -. وقال مالك: يجب القضاء؛ لأن الأصل بقاء الصوم في ذمته، فلا يسقط بالشك، ولأنه أكل شاكا في النهار والليل، فلزمه القضاء، كما لو أكل شاكا في غروب الشمس. ولنا قول الله تعالى: {وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر} [البقرة: 187] . مد الأكل إلى غاية التبين، وقد يكون شاكا قبل التبين، فلو لزمه القضاء لحرم عليه الأكل، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «فكلوا، واشربوا، حتى يؤذن ابن أم مكتوم» وكان رجلا أعمى، لا يؤذن حتى يقال له: أصبحت، أصبحت. ولأن الأصل بقاء الليل، فيكون زمان الشك منه ما لم يعلم يقين زواله، بخلاف غروب الشمس، فإن الأصل بقاء النهار، فبني عليه. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني