الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

معيار جواز ثورات الشعوب على الحكام الظلمة

السؤال

في ثورات الشعوب المسلمة على حكامها التابعين للغرب، هناك من يقول إن ذلك لا يجوز بسبب أنه سيترتب عليه في الغالب سفك للدماء وهتك للأعراض، ولن يسمح الكفار إلا بتولي عميل آخر لهم، وقد يكون أسوأ من الأول، فما تعليقكم على ذلك؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فأصل النظر في ذلك يكون بالموازنة بين المصالح والمفاسد، ولذلك اختلفت فيه أنظار أهل العلم، وراجع في ذلك الفتويين رقم: 151137، ورقم: 5844.

ويكفي في المنع غلبة المفاسد، كما يكفي في المشروعية غلبة المصالح، وإن اجتمعا في كلا الحالين، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: الواجب تحصيل المصالح وتكميلها، وتعطيل المفاسد وتقليلها، فإذا تعارضت كان تحصيل أعظم المصلحتين بتفويت أدناهما، ودفع أعظم المفسدتين مع احتمال أدناهما هو المشروع. اهـ.

وقال أيضا: السيئة تحتمل في موضعين: دفع ما هو أسوأ منها إذا لم تدفع إلا بها، وتحصيل ما هو أنفع من تركها إذا لم تحصل إلا بها... وذلك ثابت في العقل، كما يقال: ليس العاقل الذي يعلم الخير من الشر، وإنما العاقل الذي يعلم خير الخيرين وشر الشرين. اهـ.

وحسبنا في مثل هذه المسائل الاجتهادية أن يبذل من هو أهل للاجتهاد وسعه في معرفة الأقرب لمراد الشرع ومقاصده، فإن أصاب فله أجران، وإن أخطأ فله أجر واحد، ولا يصح الطعن على أحد منهم بسبب اجتهاده ما دام أهلا لذلك، وليس في المسألة نص قاطع، ولا دليل ملزم، ولا إجماع سابق، وكل يؤخذ من قوله ويترك إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونسأل الله تعالى أن يلهمنا رشدنا، وأن يقينا شرور أنفسنا، وأن يهيئ للمسلمين من أمرهم رشدا.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني