الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

فضل وآداب الذكر والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم

السؤال

هل يشترط في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ستر العورة وطهارة الفم وعدم وجود نساء متكشفات أمام المصلي؟ أم أنها آداب فقط، خاصة وأن الصلاة يوم الجمعة معروضة على النبي صلى الله عليه وسلم، كما جاء في الحديث، أجيبوني بوضوح فالشيطان يغلق علي أبواب الخير كلها، وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم من الأذكار التي يعظم ثوابها وثبت الترغيب فيها، ومن ذلك ما رواه الترمذي عن أبي بن كعب: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ: إِنِّي أُكْثِرُ الصَّلاَةَ عَلَيْكَ، فَكَمْ أَجْعَلُ لَكَ مِنْ صَلاَتِي؟ فَقَالَ: مَا شِئْتَ قَالَ: قُلْتُ: الرُّبُعَ؟ قَالَ: مَا شِئْتَ، فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ، قُلْتُ: النِّصْفَ؟ قَالَ: مَا شِئْتَ، فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ، قَالَ: قُلْتُ: فَالثُّلُثَيْنِ؟ قَالَ: مَا شِئْتَ، فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ، قُلْتُ: أَجْعَلُ لَكَ صَلاَتِي كُلَّهَا؟ قَالَ: إِذًا تُكْفَى هَمَّكَ، وَيُغْفَرُ لَكَ ذَنْبُكَ. وهذا الحديث حسنه الشيخ الألباني.

وجاء في مرقاة المفاتيح بشرح مشكاة المصابيح تعليقا على هذا الحديث: وذلك لأن الصلاة عليه مشتملة على ذكر الله وتعظيم الرسول صلى الله عليه وسلم، والاشتغال بأداء حقه عن أداء مقاصد نفسه، وإيثاره بالدعاء على نفسه، ما أعظمه من خلال جليلة الأخطار، وأعمال كريمة الآثار. انتهى.

وراجع المزيد في الفتوى رقم: 71601.

والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم من جملة الأذكار, وذكرُ الله تعالى لا تشترط في صحته طهارة الفم، ولا ستر العورة، ولاعدم وجود امرأة متكشفة، لكن له آداب، من جملتها ما يلي:

1ـ طهارة الفم: جاء في كتاب الأذكار للنووي متحدثا عن صفة مواضع الذكر: وينبغي أيضاً أن يكون فمه نظيفاً، فإن كان فيه تَغَيُّر أزاله بالسِّواك، وإن كان فيه نجاسة أزالها بالغسل بالماء، فإن ذكر ولم يغسلها فهو مكروهٌ، ولا يَحرمُ. انتهى.

2ـ ستر العورة، كما سبق في الفتوى رقم: 98142.

3ـ استحضار القلب والتدبر، إذ هو المقصود من الذكر، قال النووي أيضا في الأذكار: المرادُ من الذكر حضورُ القلب، فينبغي أن يكون هو مقصودُ الذاكر، فيحرص على تحصيله، ويتدبر ما يذكر، ويتعقل معناه، فالتدبُر في الذكر مطلوبٌ، كما هو مطلوبٌ في القراءة، لاشتراكهما في المعنى المقصود. انتهى.

ووجود امرأة متكشفة أمام الشخص أثناء الذكر لا شك أنه مما ينافي التدبر ويشوش الخاطر مع وجوب غض البصر عن عورة تلك المرأة وغيرها من كل ما يحرم النظر إليه؛ لقوله تعالى: قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ {النور:30}.

وفي الختام نوصيك بأن تكثر من ذكر الله تعالى بأنواعه من تلاوة قرآن وتسبيح وتهليل وتكبير وصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم, ولو كنت على غير طهارة، فقد كان صلى الله عليه وسلم يذكر الله تعالى على كل أحيانه, ولا تلتفت لوساوس الشيطان، فإنه يريد أن يشوش خاطرك ويحول بينك وبين الطاعة, فاستعذ بالله تعالى من شره. وراجع لمزيد الفائدة الفتوى رقم: 27148.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني