الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم جمع الريق وبلعه للصائم

السؤال

أشكو من وسواس، ومنذ أن قرأت أن الاستمناء في رمضان يبطل الصيام وأنا أحس بشهوة لم أحس بها من قبل، ورمضان غداً وأريد أن أرتاح من الوسواس، لأنني أغتسل كثيراً وأخاف أن تبطل صلاتي بسبب الوسواس والشهوة، فكيف يذهب الوسواس عني؟ وهل جمع الريق ثم بلعه يفسد الصيام؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن هذه الوساوس من الشيطان ليقطع عنك عبادتك، وليدخل عليك الهم والحزن، ولا علاج خير لك من الإعراض عنها، بعد الاستعانة بالله وصدق الالتجاء إليه أن يكف عنك شره، وإن من الإعراض عن هذه الوساوس عدم الغسل لمجرد الوهم بانتقاض غسلك، فإن هذا الباب لو فتحته على نفسك لم ينغلق إلا أن يشاء الله، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: والوسواس يعرض لكل من توجه إلى الله تعالى بذكر، أو غيره، فينبغي للعبد أن يثبت ويصبر ويلازم ما هو فيه من الذكر والصلاة، ولا يضجر، فإنه بملازمة ذلك ينصرف عنه كيد الشيطان، إن كيد الشطان كان ضعيفا، وكلما أراد العبد توجها إلى الله تعالى بقلبه جاء من الوساوس أمور أخرى، فإن الشيطان بمنزلة قاطع الطريق، كلما أراد العبد أن يسير إلى الله تعالى أراد قطع الطريق عليه ولهذا قيل لبعض السلف: إن اليهود والنصارى يقولون: لا نوسوس، فقال: صدقوا، وما يصنع الشيطان بالبيت الخرب. انتهى.

وقد سئل ابن حجر الهيتمي ـ رحمه الله ـ عن داء الوسوسة هل له دواء؟ فأجاب: له دواء نافع، وهو الإعراض عنها جملة كافية، وإن كان في النفس من التردد ما كان، فإنه متى لم يلتفت لذلك لم يثبت، بل يذهب بعد زمن قليل، كما جرب ذلك الموفقون، وأما من أصغى إليها وعمل بقضيتها فإنها لا تزال تزداد به حتى تخرجه إلى حيز المجانين، بل وأقبح منهم، كما شاهدناه في كثيرين ممن ابتلوا بها وأصغوا إليها وإلى شيطانها... وجاء في الصحيحين ما يؤيد ما ذكرته، وهو أن من ابتلي بالوسوسة فليستعذ بالله ولينته. انتهى.

وللفائدة يرجى مراجعة الفتويين رقم: 51601، ورقم: 134196.

وأما جمع الريق في الفم وبلعه: فلا يفطر، وكرهه بعض أهل العلم، فقد جاء في كتاب فَتَّاوَى الإِمامِ النَّوَوَيِ المُسمَّاةِ: بالمَسَائِل المنْثورَةِ ـ مسألة: إِذا ذاق الصائم طعامًا ولم يبلعْه، أو مضغ الخبز، أو نحوَه ولم يبلعه، أَو جمع الريق في فيه ثم ابتلعه، أو دخلت ذبابة في جوفه بغير اختياره، أو كان يغربل حِنطة، أو دقيقًا، أو غيرَهما وفتح فمه فدخله شيء من الغبار، أو سبقه ماء المضمضمة، أو الاستنشاق من غير مبالغة هل يُفطر؟ الجواب: لا يفطر في جميع ذلك، والله أعلم. انتهى.

وقال الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ في فتاوى نور على الدرب: لا بأس أن يبلع الصائم ريقه، لكن بعض العلماء قال يكره أنه يجمع الريق ثم يبتلعه، وأما بدون جمع، فإن الريق لا يضر سواء قل أم كثر على أنه لو جمعه وابتلعه فلا حرج عليه، فلا يفطر بذلك، لأنه لم يأكل ولم يشرب، والمحرم هو الأكل والشرب. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني