الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل طالب الجامعة الذي لا يعمل, ويملك قطعة أرض مستحق للزكاة؟

السؤال

أنا طالب في الجامعة, ومتفرغ بشكل كامل للدراسة، وأحتاج إلى رسوم الجامعة, ومصاريف شخصية، ولا أستطيع توفيرها، وفي رمضان الماضي أعطاني بعض الأشخاص زكاة ماله، علمًا أنني أملك قطعة أرض زراعية صغيرة ورثتها عن والدي، فما الحكم في هذه الحالة؟ وهل تجوز لي الزكاة؟ وإذا كانت لا تجوز فما الحل فيما أخذت من زكاة - جزاكم الله خيرًا -؟

الإجابــة

الحمد لله, والصلاة والسلام على نبينا محمد, وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فلا يجوز لك ـ أخي السائل ـ أن تأخذ الزكاة لمجرد كونك طالبًا في الجامعة إلا بثلاثة شروط ذكرناها في الفتوى رقم: 219448, فإذا توافرت فيك تلك الشروط جاز لك أخذها.

وكونك تملك قطعة أرض, فهذا لا يخلو الحال فيه من أحد أمرين:
أولهما: أن تكون قادرًا على تأجيرها, والاستفادة من ريعها في النفقة على نفسك, أو كنت مستغنيًا عنها, ويمكنك بيعها، فإنه لا يجوز لك أخذ الزكاة حينئذ؛ لكونك لست من أهلها, وإذا أخذتها في هذه الحال جرى عليك كلام الفقهاء فيمن أخذ الزكاة وهو ليس من أهلها هل يلزمه ردها؟ قال صاحب مطالب أولي النهى من كتب الحنابلة: وَحَيْثُ دُفِعَتْ الزَّكَاةُ لِغَيْرِ مُسْتَحَقِّهَا؛ لِجَهْلِ دَافِعٍ بِهِ, وَجَبَ عَلَى آخِذِهَا رَدُّهَا لَهُ بِنَمَائِهَا مُطْلَقًا مُتَّصِلًا كَانَ كَالسِّمَنِ، أَوْ مُنْفَصِلًا كَالْوَلَدِ، لِأَنَّهُ نَمَاءُ مِلْكِهِ, وَإِنْ تَلِفَتْ الزَّكَاةُ بِيَدِ قَابِضِهَا مَعَ عَدَمِ أَهْلِيَّتِهِ، فَمِنْ ضَمَانِهِ فَيَغْرَمُ مِثْلَ مِثْلِيٍّ، وَقِيمَةَ مُتَقَوِّمٍ، لِبُطْلَانِ قَبْضِهِ. اهـ.

والشافعية فصلوا في هذا, فقالوا: إن كنت أظهرت للمزكي أنك من أهلها, وأعطاك الزكاة بناء على ما أظهرته له, فإنك تملك ما أخذته إن علمت أنه إذا علم بحالك أعطاك ولم يحرمك, وأما إن كان المزكي أعطاك الزكاة ظنًّا منه أنك من أهلها من غير أن تظهر له أنت ذلك, فإنك لا تملك ما أعطاه لك, ويلزمك رده, جاء في نهاية المحتاج: كُلّ مَنْ أَخَذَ وَظَنَّ الدَّافِعُ فِيهِ صِفَةً لَوْلَاهَا لَمَا دَفَعَ لَهُ، وَلَمْ تَكُنْ فِيهِ لَمْ يَمْلِكْ مَا أَخَذَهُ وَحَرُمَ عَلَيْهِ قَبُولُهُ، وَأَنَّهُ إذَا أَظْهَرَ صِفَةً لَمْ تَكُنْ فِيهِ كَالْفَقْرِ, أَوْ سَأَلَ عَلَى وَجْهٍ أَذَلَّ بِهِ نَفْسَهُ حَرُمَ عَلَيْهِ الْأَخْذُ، وَلَكِنْ يَمْلِكُ مَا أَخَذَهُ إذَا كَانَ بِحَيْثُ لَوْ عَلِمَ الدَّافِعُ بِحَالِهِ لَمْ يَمْتَنِعْ مِنْ الدَّفْعِ إلَيْهِ. اهـ.

ثانيهما: ألا يمكنك بيعها لكونك غير مستغن عنها, ولا تقدر على تأجيرها, فيجوز لك أخذ الزكاة حينئذ, ولا تطالب ببيعها, وكذا لو كانت أجرتها لا تفي بكل نفقتك, فإنك تأخذ من الزكاة تمام النفقة التي تحتاجها, قال النووي في المجموع: إذا كان له عقار ينقص دخله عن كفايته فهو فقير, أو مسكين, فيعطى من الزكاة تمام كفايته, ولا يكلف بيعه. اهــ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني