الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم التلاعب بعداد الكهرباء لأن الدولة تفرق بين المواطنين والوافدين, وكيفية التحلل

السؤال

شخص مسلم كان قد تلاعب بعداد الكهرباء, فكانت تخرج الفاتورة أقل بكثير ـ ربما بأقل من نصف الصرف الحقيقي للكهرباء ـ واستمر على هذه الحال – ربما - أكثر من 25 سنة، وحجته أن الدولة التي يقيم فيها ـ وهي دولة من دول العالم الإسلامي ـ تميز في التعامل بين ابن البلد, وبين الأجنبي, باعتبار أن المسلم الذي من دولة أخرى أجنبي في قانون هذه البلد الوضعي، فالمسلم القادم من دولة أخرى يدفع أضعاف ابن البلد من الكهرباء، وغير ذلك كثير جدًّا من أشكال التفرقة, فهل هناك مستند شرعي مقبول لحجة هذا الشخص؟ وهل هناك خلاف في قضية كهذه؟ حيث إنهم يحكمون القانون الوضعي, ويميزون بين المسلمين في التعامل, ويصرف أموال المسلمين في أشكال الفساد في تلك الدولة, وغير ذلك, وهل هناك ما يبيح لهذا الشخص فعلته من التلاعب بعداد الكهرباء؟ وهل يجب عليه إعادة كل ما قام باستهلاكه إلى مؤسسة الماء والكهرباء في تلك الدولة؟ وإن كان لا يعلم بالضبط، فهل عليه أن يقوم بتقدير ما يغلب على الظن أنه المبلغ الذي تم استهلاكه؟ وإذا توفي هذا الشخص ولم يدفع ما عليه لهذه المؤسسة، فهل يحق لأحد ورثته أن يطالب بإخراج ذلك المبلغ أولًا قبل قسمة التركة باعتبار أن ذلك المبلغ باقٍ في ذمة المتوفى؟ وهل يجوز للورثة رفض ذلك, وقسمة التركة دون إخراج هذا المبلغ؟ وجزاكم الله تعالى خيرًا.

الإجابــة

الحمد لله, والصلاة والسلام على رسول الله, وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا ريب في أن هذا الصنيع هو من الخداع والغش المحرم شرعًا، والذي استفاضت الأدلة في بيان حرمته، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: من غش فليس منا. رواه مسلم.

وما ذُكر من التمييز بين أهل البلد والوافدين, أو الفساد في إدارة الدولة, شبهات داحضة, لا وجه للاستدلال بها، ولا يستحل بها المسلم أن يقع في الحرام، فيجب على من قام بذلك التوبة إلى الله عز وجل، ومن توبته أن يتحلل من الجهة المسؤولة عن الكهرباء, بأن يطلب منهم السماح عما قام به، أو يقوم بإرجاع قيمة ما استهلكه من الكهرباء، وإن لم يعلم قدره بالتحديد، فإنه يقدر ذلك بما يغلب على ظنه براءة ذمته به، ويجب على الورثة إرجاع قيمة ما استهلكه مورثهم من الكهرباء من ميراثه, إن لم يقم بذلك في حياته، فإن الميراث لا يطيب المال الحرام، كما بيناه في الفتوى رقم: 106658.

وإن رفض الورثة ذلك، فإن من أراد من البقية أن يبرئ ذمته فعليه أن يخرج قسط ذلك المقدار من نصيبه من الميراث, ويرجعه إلى الجهة المسؤولة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني